القانون العام

نظام التراتيب العمرانية على ضوء مجلة الجماعات المحلية : الجزء الأول مجال التراتيب العمرانية – القاضي عمر المحيرثي

(الجزء الأول: مجال التراتيب العمرانية)

عمر المحيرثي :ملحق قضائي

تتمتع السلط المحلية داخل الدول التي تعتمد التفريق في تنظيمها الإداري بين السلطة المركزية،

و السلط اللامركزية، بقدر من الإستقلالية يجعلها تقوم ببعض الأنشطة التي تبدو ضرورية و حتمية لتنظيم المناطق الراجعة لها بالنظر و السهر على المحافظة على المصلحة العامة.

و تعتبر الدولة التونسية من ضمن الدول التي اعتمدت هذا التفريق خاصة ما تم على مستوى دستور سنة 2014 التي أرسى بصفة صريحة و لأول مرة السلطة المحلية و بوئها مرتبة دستورية إذ خصص لها بابا كاملا تحت عنوان”السلطة المحلية”[1].

و “تقوم السلطة المحلية على أساس اللامركزية التي تتجسد في جماعات محلية تتكون من بلديات و جهات وأقاليم،يغطي كل صنف منها كامل تراب الجمهورية وفق تقسيم يضبطه القانون[2]“.

و”يعتبر نظام اللامركزية من أهم التنظيمات الجاري بها العمل من قبل في العديد من البلدان،و الذي بمقتضاه تتم إحالة اختصاصات إلى هيئات منتخبة تتمتع بالشخصية القانونية و الإستقلال المالي و الإداري و بسلطة التقرير في شأن محلي أو جهوي بشكل مستقل و متميز. و بالتالي فهو يقوم على فكرة إنشاء كيانات قانونية تتمتع بالإستقلالية المالية و الشخصية القانونية و تأخذ أشكالا ترابية تتجسد عبر جماعات محلية.حيث تقوم هذه الأخيرة بإدارة شؤونها و خاصة ممارسة صلاحياتها بصفة منفردة دون أي تدخل خارجي[3]“.خصوصا و أن الدستور أخضع أعمالها لرقابة لاحقة، و هو ما يعد تكريسا فعليا للإستقلالها الإداري و المالي و قطعا مع رقابة الإشراف[4] التي كانت تخضع لها قبل سنة 2014.

و لعل البلدية، نظرا لبعدها التاريخي[5] تعتبر أقرب جماعة محلية و ألصقها بالمواطن و لها علاقة جد متينة به، باعتبارها أبرز تجل للامركزية الإدارية في نظام الدول الموحدة كالجمهورية التونسية.وهو ما نلمس أساسه بالفصل 14 من الدستور[6] الذي أوجب على الدولة أن تدعم اللامركزية أي أن تقرب مصالحها الإدارية من المواطن وتمكنه من المرافق الضرورية لحياته اليومية،عبر آليات تشريعية هدفها التوسيع في المجال الترابي للبلديات و الذي تم فعلا بإنشاء عدة بلديات جديدة و توسيع أخرى، لكن ذلك لا يكون إلا تحت إشراف الدولة أي السلطة المركزية تدعيما لوحدة الدولة[7] و وحدة القرار الوطني و إلا آل الوضع إلى نظام فدرالي عوض النظام الجمهوري.

فالبلدية  في مفهومها التشريعي العام هي”جماعة محلية تتمتع بالشخصية القانونية و بالإستقلالية الإدارية و المالية تتولى التصرف في الشؤون البلدية وفقا لمبدأ التدبير الحر و تعمل على تنمية المنطقة اقتصاديا و اجتماعيا و ثقافيا وبيئيا و حضريا و إسداء الخدمات لمنظوريها و الإصغاء لمشاغل متساكنيها و تشريكهم في تصريف الشأن المحلي[8]“.

“فمن خلال هذا الفصل نتبين أن المشرع منح البلديات صلاحيات و التي تعني تمكين البلدية من الوسائل القانونية اللازمة لتنظيم نفسها و إدارة ممتلكاتها[9]” عبر تمكينها من التصرف في شؤونها البلدية على جميع المستويات والمجالات المضبوطة بالقانون وفق مبدأ التدبير الحر.

و يعرف التدبير الحر بأنه” مبدأ دستوري يخول للجماعات المحلية إدارة مصالحها و تصريف شؤونها بواسطة مجالسها المنتخبة في كنف الحرية التامة و دون تدخل من السلطة المركزية، فمبدأ التدبير الحر للجماعات المحلية يمثل ثورة قانونية في التنظيم الإداري و الترابي للبلاد التونسية[10]“.

و في خضم هذه الصلاحيات القانونية تمارس البلدية عدة أنشطة إدارية محلية هدفها إدارة ناجزة لمرافقها العمومية المحلية و تحقيق توازن مالي إيجابي لصالح مواردها عبر رسم مخططاتها التنموية للوصول إلى تنمية شاملة ومستديمة تحقق العيش السليم لمتساكنيها.

فالبلدية تمارس هذه الأنشطة بسلطتيها” التفاوضية المتمثلة في المجلس البلدي و التنفيذية المجسمة في شخص رئيس البلدية”[11]، لذلك لا بد لها أن تتخذ جميع التدابير التي تراها ملائمة لتنظيم الحياة العامة داخل مجالها الترابي[12]، و لعل أهم وسيلة تحقق ذلك تكمن فيما تتخذه من إجراءات و قرارات لتنظيم مجالها العمراني تعرف بالتراتيب العمرانية،و التي يكون أساسها سلطة الضبط الإداري المخول لرئيس البلدية.وهو ما يفتح لنا المجال للتساول عن نظام هذه التراتيب التي لها مجالات متعددة تنطلق أساسا مما ضمن بمجلة الجماعات المحلية الصادرة بمقتضى القانون الأساسي عدد 29 لسنة 2018 المؤرخ  في 9 ماي 2018 و مجلة التهيئة الترابية و التعمير الصادرة بمقتضى القانون عدد 122  لسنة 1994 المؤرخ في 28 نوفمبر 1994.

و قد اخترنا أن نتطرق إلى نظام التراتيب العمرانية بمفهوميها العام و الخاص باعتبار أن العديد من الأحكام والضوابط العمرانية تجد أساسها العام في مجلة الجماعات المحلية على غرار ما ورد بمجلة التهيئة الترابية و التعمير مع بعض الأنظمة الخاصة الواردة بنصوص قانونية متفرقة،و هو ما يحتم تجمبعها لفهم النظام القانوني العام للتراتيب العمرانية.

فماهو نظام التراتيب العمرانية ؟

نظريا يمكن تقسيم التراتيب العمرانية إلى أصناف عدة  لها مجالها (الجزء الأول) و يتحتم على البلدية السهر على احترامها و زجر كل مخالفة تتعلق بها (الجزء الثاني).

الجزء الأول :مجال التراتيب العمرانية

تقسم التراتيب العمرانية طبق ما اقتضته الفصول 257 و 258 و 264 من مجلة الجماعات المحلية و الفصول من 58 إلى 75 من مجلة التهيئة الترابية و التعمير إلى ، تراتيب التصفيف و التسوية للملك العمومي البلدي (الفرع الأول) و تراتيب البناء و التقسيم (الفرع الثاني).

كما  يمكن أن نستخلص  صنفا عاما من التراتيب خارجة عن هذه المجالات نستجليها من الفصل 239 من مجلة الجماعات المحلية الواردة به عبارة ” و كل القواعد الأخرى المنصوص عليها بالتشاريع و التراتيب الجاري بها العمل، وهي التراتيب العمرانية العامة  (الفرع الثالث).

الفرع الأول : تراتيب التصفيف و التسوية للملك العمومي البلدي :

تمثل تراتيب التصفيف و التسوية للملك العمومي البلدي جملة الإجراءات الرامية لتنظيم استعمال المجال الترابي للبلدية و المشمول بملك البلدية العمومي وفق قرارات تتخذ من السلط البلدية المختصة و تأخذ بعين الإعتبار الخصوصيات الوطنية و الجهوية و ذلك بهدف ضمان التطابق بين الإختيارات المحددة من طرف السلطة المركزية وتلك المرسومة من قبل السلط اللامركزية.

و هو ما سعى إليه دستور 2014 و ذلك في اتجاه :” تقليص مركزية التهيئة الترابية و العمرانية في مواضع عديدة بداية من الباب السابع المخصص للسلطة المحلية على عدة نقاط مهمة تؤسس للامركزية ترابية فعلية قائمة على التوفيق بين مقتضيات الديمقراطية المحلية و ما تقتضيه من مشروعية و استقلالية في التسيير و القرارات”[13].

و تأتي تراتيب التصفيف و التسوية للملك العمومي البلدي في هذا السياق و ذلك حتى تحافظ البلدية على خصوصياتها المعمارية من جهة، و حتى يلائم تنظيمها الترابي مخططات التنمية الوطنية و الجهوية من جهة أخرى.

و قبل التطرق إلى نطاق تراتيب التصفيف و التسوية (الفقرة الثالثة) و جب أولا تحديد مفهوم الملك العمومي البلدي الخاضع للتصفيف و التسوية (الفقرة الأولى) ثم تناول نظامه القانوني(الفقرة الثانية) بالدرس و التحليل.

الفقرة الأولى : مفهوم الملك العمومي البلدي الخاضع للتصفيف و التسوية :

ورد تعريف الملك العمومي المحلي بالفصل 69 من م.ج.م الوارد ضمن القسم الأول من الباب الثاني “في أملاك الجماعات المحلية و مرافقها”.و يعرف الفصل المذكور الملك العام المحلي بوجه عام. و باعتبار أن البلدية هي سلطة محلية فإن هذا التعريف يشملها حتما ف:”تعد ملكا عموميا محليا كل العقارات و المنقولات[14] التي يعتبرها القانون ملكا عموميا الراجعة ملكيتها للجماعات المحلية و المخصصة لإستعمال العموم مباشرة أو لمرفق عام و التي تمت تهيئتها خاصة للغرض.”

و قد عدد الفصل 69 المشار إليه قائمة الأملاك المخصصة لإستعمال العموم مباشرة و هي :

-الشوارع و الأنهج

-المساحات العمومية

-الحدائق العمومية

-الطرقات العمومية وتوابعها باستثناء الطرقات المرتبة طرقات وطنية و الطرقات السيارة

-و جميع الأملاك التي يعتبرها القانون كذلك.

كما عدد الأملاك المخصصة لمرفق عام و هي :

-قطع الأرض التي على ملك الجماعة المحلية المتضمنة لمنشآت و شبكات توزيع المياه و الغاز و الكهرباء و التطهير و الإتصالات و غيرها من المنشئات العمومية.

-المحطات المخصصة لفائدة مرفق عام للنقل و توابعها.

-مراكز الطفولة و الشباب و رياض الأطفال البلدية.

-الأملاك التي تنقل لها من قبل الدولة و لغاية تخصيصها لمرفق عام.

و قد أشار الفصل 70 من م.ج.م أنه :”تصبح ملكا عموميا محليا الأملاك التالية :

-الأملاك التي تم انتزاعها لإحالتها للجماعات المحلية لإنجاز منشآت ذات نفع عام أو التي تقتنيها الجماعات المحلية وتخصصها لذات الغرض.

-الأملاك المتأتية من التقسيمات.

-الهبات و الوصايا من العقارات أو المصنفات الممنوحة للجماعات المحلية.

-المنشآت الرياضية و الثقافية و منشآت الطفولة المنجزة من قبل الجماعات المحلية أو التي هي على ملكها في تاريخ صدور هذا القانون.

-الأملاك العامة للدولة التي تحيلها للجماعة المحلية.

-الأملاك التي يصنفها القانون كذلك.”

و بقراءة الفصل المذكور يمكن إبداء بعض الملحوظات، و أولها أن الأملاك البلدية العمومية تكون على صنفين فإما أن تكون بطبيعتها و هي كل الأملاك المعددة بالفصل 69 من م.ج.م أي تلك المخصصة لإستعمال العموم مباشرة أوالمخصصة لمرفق عام و كل ما اعتبره القانون كذلك. و ثاني الأملاك البلدية هي تلك المكتسبة بموجب القانون أوالعقد طبق أحكام الفصل 70 من م.ج.م.

فكل هذه الأملاك تعد ملكا عموميا بلديا خاضعا لتراتيب التصفيف و التسوية لذلك سنتولى دراسة نظامها القانوني.

الفقرة الثانية : النظام القانوني للملك العمومي البلدي الخاضع للتصفيف و التسوية :

أوردت الفصول 71 و و 73 و 74 من م.ج.م النظام القانوني للملك العمومي البلدي الخاضع لتراتيب التصفيف والتسوية فهي تخضع إلى عدة ضوابط و مبادئ و أولها الصبغة التوثيقية فهي تدون بسجل خاص[15] إما أن يكون ورقيا أو الكترونيا و يضبط نموذج كل منهما بأمر حكومي بعد أخذ رأي المجلس الأعلى للجماعات المحلية و بناء على رأي المحكمة الإدارية العليا، و يمكسه رئيس الجماعة المحلية و يتولى تحيينه بصفة دورية و يرفع تقريرا في الغرض إلى المجلس المحلي أي المجلس البلدي و يحال نظير منه إلى المحاسب العمومي للبلدية.

كما لا يمكن التفويت في الملك العمومي البلدي و لا تسقط ملكيته بمرور الزمن و لا يمكن عقلته و لا تسري عليه أحكام الحوز.

أي أن التفويت مبدئيا ممنوع في الملك العمومي بالبلدي بأي وجه كان سواء ببيع أو بمعاوضة أو بهبة أو بأي طريقة ناقلة للملكية، كما لا تسري عليه القواعد المتعلقة بالتقادم المكسب[16].أي أن حائز ملك البلدية العام لا يمكنه القيام بدعوى استحقاقية قصد الحصول عليه.

كما لا يمكن عقلة الملك العمومي البلدي ” و يعبرعن هذا المنع بحصانة التنفيذ أي أنها أموال محصنة من التنفيذ بحكم القانون..أقر المشرع هذه الحصانة من خلال الفصل 37 من مجلة المحاسبة العمومية الذي اقتضت أحكامه أنه لا يجوز إجراء أي عقلة على السندات و القيم و المكاسب المنقولة و غير المنقولة بدون أي استثناء التي تملكها الدولة أو المؤسسات العامة الإدارية أو الجماعات العمومية المحلية..و قد رتب المشرع بالفصل 37 المذكور البطلان المطلق لكل ما يقع من عقل أو أعمال تنفيذية خلافا للأحكام المذكورة”[17].

كما لا يمكن القيام بالدعوى الإستحقاقية[18] أمام محاكم الحق العام أو التمسك بالملكية أمام المحكمة العقارية، فإنه من باب أولى و أحرى أن لا تسري أحكام الحوز على الملك العمومي البلدي أي أن الأحكام الواردة بالفصول51  و52 و 53 و 54 و 55 و 56 و 57 و 58 من م.م.م.ت لا تنطبق و بالتالي لا يمكن القيام بالدعوى الحوزية بناء على توفر شروط الحوز الواردة بالفصل 52 من م.م.م.ت[19].

هذا و قد استثنى المشرع بالفقرة  2 و 3 من الفصل 71 من م.ج.م نقل الملكية بالتراضي و دون إزالة ترتيب مسبقة بين الأشخاص العموميين إذا كانت الغاية تخصيص الملك موضوع نقل الملكية لممارسة الشخص العمومي المفوت لفائدته لصلاحياته و إدماجه ضمن ملكه العمومي. أي أن الملك العمومي البلدي يمكن نقله بين أشخاص عموميين شريطه عدم إخراجه من صبغته العمومية و بناء على مداولة المجلس البلدي بأغلبية ثلاثة أخماس أعضائه.

الفقرة الثالثة : نطاق تراتيب التصفيف و التسوية للملك العمومي البلدي :

ينص الفصل 237 من م.ج.م أنه :” يختص المجلس البلدي بتصريف الشؤون البلدية و البت فيها.و يتعهد على وجه الخصوص بما يلي :…-ترتيب أجزاء الملك العمومي للبلدية من أنهج و ساحات عمومية و مساحات خضراء و غيرها و إخراجها و إعادة ترتيبها و كذلك وضع و تغيير أمثلة تصفيف الطرقات العمومية البلدية”.

فالإختصاص يعود بالنظر للمجلس البلدي و هو اختصاص خاص به من حيث المبدأ نظرا للقرارات المتمخضة عنه في خصوص ملك البلدية العام الذي أوجب القانون أن يكون بثلاثة أخماس أعضائه. فعملية الترتيب تشمل كل أجزاء الملك العمومي البلدي و أيضا عمليات إعادة الترتيب أو وضع و تغيير تصفيف الطرقات البلدية العمومية. فللمجلس الموافقة على الإشغال الوقتي للملك العمومي “قصد إقامة لافتات أو ركائز أو إشارات أو أية علامة أخرى لغاية اشهارية شرط ضمان سلامة المرور و حماية الأمن العام و المحافطة على الجمالية الحضرية”[20]. كما يمكن استغلال المرفق العمومي بالملك البلدي التي عددها الفصل 69 من م.ج.م في صيغة لزمة.

و” اللزمة صيغة تعاقدية للتصرف في المرفق العمومي، و تتمثل في إسناد الإستغلال و التصرف في المرفق العمومي البلدي إلى أحد الخواص سواء كان شخصا طبيعيا أو معنويا لمدة معينة، بمقابل مالي و بشروط يحددها عقد اللزمة”[21].

و أما عن نطاق هذه التراتيب فتتمثل أساسا في ترتيب الملك العمومي البلدي للطرقات و ذلك بتصنيفها إلى طرقات عمرانية و مسالك بقرار من المجلس البلدي في صورة عدم شمولها بمثال التهيئة العمرانية[22] المصادق عليه قانونا، فالطرقات العمرانية هي التي تؤمن التنقل داخل الأحياء السكنية أما المسالك فهي السبل الرابطة بين أحياء سكنية داخل المنطقة البلدية ذاتها. أو بتصفيفها، و “تشكل عملية التصفيف حقا للإرتفاق يخول لفائدة الملك العمومي البلدي للطرقات و يتم بمقتضاه إخضاع البنايات و المنشآت المزمع تشييدها على جانبي تلك الطرقات البلدية إلى تراجع تحدد قرارات صادرة عن رئيس المجلس البلدي مداه و ذلك بعد مداولة المجلس و أخذ رأي المصالح التابعة للوزارة المكلفة بالتعمير”[23].

كما تشمل عملية التصفيف “تصفيف الطرقات و تسوية ارتفاعها بعد مداولة المجلس البلدي و أخذ رأي المصالح التابعة للوزارة المكلفة بالتعمير”، و أيضا ” تسليم رخص التصفيف الفردي على الطرقات التابعة للملك العمومي للبلدية و غيرها من الرخص طبقا لقرارات التصفيف و تسوية إرتفاع الطرقات” طبق الفقرتين 3 و 4 من الفصل 257 من م.ج.م.

الفرع الثاني : تراتيب البناء و التقسيم :

يمكن تعريف تراتيب البناء و التقسيم بأنها كل الإجراءات و كل العمليات القانونية الهادفة لمطابقة البناء أومشروع البناء للتراتيب العمرانية و ذلك وفق شروط فنية مضبوطة مسبقا من الجماعة المحلية.

و تخضع تراتيب البناء و التقسيم لجملة من النصوص التشريعية و الترتيبية التي تؤطرها و من أهمها مجلة الجماعات المحلية التي أحالت بدورها إلى الإجراءات المنصوص عليها بالتشريع الجاري به العمل[24].

و قد نص الفصل 258 من م.ج.م أنه :” يختص رئيس البلدية بإسناد التراخيص المتعلقة بالإستعمال العقاري و خاصة قرارات التقسيم و رخص البناء و رخص الهدم وفقا للإجراءات المنصوص عليها بالتشريع الجاري به العمل.

يتولى رئيس البلدية إسناد رخص البناء و التقسيم و الهدم طبقا للتشريع المتعلق بالتهيئة الترابية و التعمير في حدود ما لا يتعارض مع مبدأ التدبير الحر و بناء على رأي اللجنة الفنية المختصة”.

و نظرا لشمول تراتيب الهدم ضمن تراتيب البناء، ستناول فقط تراتيب البناء(الفقرة الأولى) و تراتيب التقسيم (الفقرة الثانية) بالتحليل و التمحيص.

الفقرة الأولى : تراتيب البناء :

أحال الفصل 258 من م.ج.م  في خصوص تراتيب البناء إلى النصوص التشريعية الجاري بها العمل و أشار بصفة صريحة إلى مجلة التهيئة الترابية و التعمير في خصوص إسناد رخص البناء و رخص الهدم من قبل رئيس البلدية.

و بالرجوع لمجلة التهيئة الترابية و التعمير في الفصول من 68 إلى 75 نلاحظ أن تراتيب البناء تتعلق أساسا إما ببناء جديد أو إجراء أشغال ترميم لتدعيم بناية موجودة أو إدخال تغييرات عليها.و كذلك للفصل 5 من القانون عدد 35 لسنة 1976 المؤرخ في 18 فيفري 1976 المتعلق بضبط العلاقات بين المالكين و المكترين لمحلات معدة للسكنى أو الحرفة أو الإدارة العمومية[25]، نستنتج أن كل هذه الأشغال هي موضوع ترخيص وجوبي من طرف رئيس البلدية المختص، لذلك وجب إلى رخصة البناء(أ) ثم إلى رخصة الهدم (ب)، ذلك أن كلاهما لا يسلمان إلا إذا احترم صاحبها تراتيب البناء قبل الأشغال أو أثنائها.

أ* رخصة البناء :

لرخصة البناء مجالها، كما أن إسنادها يخضع لبعض الإجراءات.

1-مجال رخصة البناء:

المبدأ : تخضع للترخيص المسبق كل عمليات البناء الجديدة و الأشغال اللاحقة المزمع إدخالها عليها  سواء لإصلاحها  أو لإدخال تغييرات عليها.

و كذلك في صورة إقامة المساكن الشخصية أو العائلية أو مساكن العملة في المستغلات الفلاحية بعد أخذ رأي المندوب الجهوي للتنمية الفلاحية.

كما يشمل الترخيص في البناء كل مشاريع البنايات المجاورة لعقارات عسكرية في حدود 150 مترا بعد أخذ رأي وزير الدفاع الوطني.

و أيضا تخضع للترخيص مشاريع البناء أو الترميم داخل المواقع الثقافية بعد أخذ رأي الوزير المكلف بالتراث.

و البنايات الكائنة داخل المجموعات التاريخية و التقليدية سواء كانت مرتبة أو غير مرتبة بعنوان منطقة مصانة و كذلك التي تهم المعالم التاريخية و البنايات المحمية أو المرتبة طبقا للقانون عدد 35 لسنة 1994 المؤرخ في 24 فيفري 1994 المتعلق بإصدار مجلة حماية التراث الأثري و التاريخي و الفنون التقليدية[26].

الإستثاءات : لا تخضع للترخيص البنايات العسكرية ذات الصبغة السرية كما لا تخضع للترخيص الأشغال التي ترمي لإدخال تغييرات أو إصلاحات عادية و ضرورية على بناية مقامة و التي تضبط قائمة فيها بمقتضى قرار من الوزير المكلف بالتعمير باستثناء ما خضع منها إلى أحكام تشريعية أو ترتيبية خاصة[27].

2-إجراءات رخصة البناء :

يسند رئيس البلدية رخصة البناء لطالبها بناء على رأي اللجان الفنية المختصة و هي”اللجان الفنية المكلفة بدراسة ملفات رخص التقسيم و البناء و الهدم” حسب تسميتها الواردة بالفصل 258 من م.ج.م. و تتركب هذه اللجان من رئيس البلدية أو من ينوبه ،رئيسا و من الأعضاء الآتي بيانهم :

-5 أعضاء يعينهم المجلس البلدي يكون من بينهم مهندس معماري أو مختص في التعمير.

-5 أعضاء ممثلين عن الوزارات المكلفة بالتجهيز و البيئة و أملاك الدولة و النقل و الثقافة و ممثل عن الحماية المدنية يعينهم الوالي المختص ترابيا على أن يكون من بينهم مختص في التعمير.

-مهندس معماري ممثل عن الهيئة المهنية للمهندسين المعماريين.

-ممثل عن كل وزارة أو منشأة عمومية معنية بالترخيص.

هذا و يتعين على المتقدم للجنة المذكورة و الذي يروم الحصول على ترخيص في البناء و الذي تخضع بنايته للترخيص الوجوبي أن يقدم الوثائق الضرورية المكونة لملف رخصة البناء[28].ثم يقوم بإيداع الملف بالمصلحة المختصة ببلدية المكان.

و عند اتصال اللجنة بملف طلب الترخيص فإنه عليها و طبق الفصل 68 من م.ت.ت.ت أن تبت فيه في أجل لا يتجاوز 45 يوما من تاريخ الإيداع،غير أن الأجل المذكور يرفع إلى 60 يوما إذا كان مثال التهيئة العمرانية بصدد الإعداد و المراجعة أو إلى 90 يوما في صورة وجود البناية المزمع انجازها في حدود 200 متر حول المواقع الطبيعية أو المواقع الثقافية و المواقع الأثرية أو المناطق المصانة أو المعالم الأثرية.

و في كل الحالات السابقة على رئيس البلدية اتخاذ قراره في خصوص الترخيص من عدمه في أجل أقصاه شهر من تاريخ توصله برأي اللجنة و في صورة الرفض يجب أن يكون القرار معللا حسب صريح الفصل 258 من م.ج.م و بعد ذلك يقع نشر القرارمع رأي اللجنة على الموقع الإلكتروني للبلدية حتى يبلغ القرار و يقع العلم للمعني بالأمر في صورة رغبته في رفع الأمر إلى القضاء.

ب*رخصة الهدم :

لا تسلم رخص الهدم حسب ما اقتضته مجلة الجماعات المحلية و القانون عدد 35 لسنة 1976 المتعلق بالعلاقات بين المالكين و المكترين لمحلات معدة للسكنى أو الحرفة أو الإدارة العمومية إلا بشروط معينة (1)كما أن تسليمها لطالبها يرتب آثارا قانونية(2).

1-شروط تسليم رخصة الهدم :

تخضع شروط تسليم رخص الهدم إلى نفس شروط إسناد رخص البناء خاصة على المستوى الإجرائي ، بيد أن مجال كلاهما يختلف عن الآخر فرخص الهدم لا تتعلق إلا بمحل معد للسكنى أو الحرفة أو الإدارة العمومية و يتم استغلاله من طرف المكترين قبل غرة مارس 1978 و تم بناؤه سنة 1970.

و لا تسلم رخصة الهدم إلا إذا كان العقار المسوغ يقع بالمحل المكرى و ذلك لبناء عقار جديد على عين المكان و بناء على موافقة اللجنة الفنية بالبلدية،بعد إجراء المعاينات اللازمة من الأعوان المؤهلين الذين وقع تعدادهم آنفا و هم أعوان البلدية و الشرطة البلدية و الشرطة البيئية.

2-آثار تسليم رخصة الهدم :

-الآثار بالنسبة للمالك:

تخول رخصة الهدم صاحبها من هدم العقار موضوع الترخيص المسبق. و يجب على المالك بعد تسلمها أن يعلم المكتري بها بواسطة عدل منفذ مع ضرورة التنبيه عليه بإخلاء المحل خلال أجل 6 أشهر من تاريخ التنبيه و إلا جاز للمالك رفع دعوى استعجالية في الإخلاء على معنى الفقرة 2 من الفصل 5 من قانون 18 فيفري 1976.

كما يجب على المالك أن يشرع في إنجاز الأشغال المرخص فيها خلال أجل 6 أشهر من تاريخ خروج آخر مكتر إذا كان العقار موضوع عدة كراءات.

-الآثار المترتبة للمكتري:

يحق للمكتري عند إخلاء المحل الحق في تعويض يعادل معين كراء 4 سنوات تحدد قيمته على أساس معين كراء آخر شهر قبل تاريخ الإخلاء.

الفقرة الثانية : تراتيب التقسيم :

تعد تراتيب التقسيم أيضا من صلاحيات رئيس البلدية حيث أن قرارات التقسيم تخضع لنفس إجراءات رخصة البناء في خصوص دراستها من طرف اللجنة الفنية و في خصوص مآلها و تنفيذها.و بما أن مجلة الجماعات المحلية أحالت إلى مجلة التهيئة الترابية و التعمير فإنه اتجه العودة إلى أحكامها حتى نستخلص مفهوم التقسيم(أ) ثم نتطرق إلى نظامه القانوني(ب).

أ*مفهوم التقسيم :

عرف الفصل 58 من م.ت.ت.ت التقسيم[29] أنه:” كل عملية تجزئة قطعة أرض إلى مقاسم يساوي عددها ثلاثة أو أكثر،معدة، بعد التهيئة، لبناء محلات سكنية أو مهنية أو صناعية أو سياحية أو تجهيزات مشتركة اجتماعية و ثقافية حسب مقتضيات هذه المجلة.

و في صورة ما إذا تعلق الأمر بتجزئة قطعة أرض إلى مقسمين اثنين ،فإن هذه العملية تخضع إلى المصادقة المسبقة من قبل رئيس البلدية أو الوالي حسب مرجع النظر و ذلك بعد أخذ رأي اللجنة الفنية…”

كما واصل نفس المذكور أنه :”و يعد تقسيما كل عقد إيجار أو بيع يهدف إلى إعادة تجزئة قطعة إلى جزئين أقل من عشر سنوات بعد تجزئة أولى إن لم تكن هذه تقسيما. و يعد أيضا تقسيما بيع جزء أو أجزاء مشاعة من عقار معد للبناء حسب التراتيب الجاري بها العمل”.

و رجوعا لذات الفصل المذكور آنفا نستنج أن التقسيم يمكن أن يكون له مفهوم قانوني أو مفهوم حكمي، فأما عن المفهوم القانوني فالتقسيم هو كل عملية تجزئة قطعة أرض بعد تهيئتها[30] إلى مقاسم شريطة أن يكون عددها اثنين فما فوق لغاية بناء محلات ذات صبغة سكنية أو مهنية أو صناعية أو سياحية أو تجهزات مشتركة اجتماعية و ثقافية.

أما المفهوم الحكمي للتقسيم فهو كل عقد إيجار أو بيع يهدف إلى إعادة تجزئة قطعة إلى جزئين قبل مرور عشر سنوات على التجزئة الأولى أو بيع جزء أو أجزاء مشاعة من عقار معد للبناء.

فالتقسيم بمفهوميه يخضع إلى تراتيب خاصة وجب احترامها من قبل طالب الرخصة بشروط معينة حتى يرتب التقسيم آثاره.فماهو النظام القانوني للتقسيم؟

ب*النظام القانوني للتقسيم :

إن عملية التقسيم لا يكون لها وجود قانوني أو مادي إلا متى استجاب “المقسم” أي طالب رخصة التقسيم إلى بعض الشروط الشكلية و الموضوعية(1) للمصادقة على مشروع التقسيم حتى يمكن الحديث عن آثار المصادقة على التقسيمات(2).

1-الشروط الشكلية و الموضوعية : تنقسم شروط التقسيم إلى شروط مفروضة على طالب التقسيم قبل عملية التقسيم و بعدها.

فأما الشروط القبلية فتتمثل في إعداد ملف مشروع التقسيم[31]ثم إيداعه لدى المصلحة المعنية بالبلدية مرجع النظر ليقع عرضه في مرحلة أولى على اللجنة الفنية المكلفة بدراسة ملف التقسيم المنصوص عليها و على تركيبتها بالفصل 258 من م.ج.م[32] ثم في مرحلة ثانية لمصادقة رئيس البلدية.

و يجب على طالب رخصة التقسيم أن يلتزم بالشروط القانونية المتعلقة بالعملية من ذلك ضرورة التأكد أن العقار يوجد داخل منطقة يشملها مثال تهيئة عمرانية أو مثال تهيئة تفصيلي إن وجد أو داخل منطقة محددة و شملتها المراجعة طبق قرار يصدر من الوزير المكلف بالتعمير حسب مقتضيات الفصل 14 من م.ت.ت.ت.

أما الشروط البعدية فهي أساسا الإلتزام  بعدم القيام بأي إشهار من المقسم قصد بيع أو تسويغ الأراضي أو المباني التي شملها التقسيم إلا بعد المصادقة على ذلك.

و لا يمكن بيع الأراضي أو تسويغها أو تشييد المباني فوقها إلا بعد القيام بعملية التهيئة و تسديد الديون التي يمكن قد تخلدت بذمة المقسم.

2-آثار المصادقة على التقسيمات : يتحصحص من قراءة الفصل 67 من م.ت.ت.ت أن آثار المصادقة على التقسيمات تتمثل أساسا في تغيير صبغة المرافق التي تصبح بمجرد المصادقة على التقسيم مدمجة في الملك العمومي أو الخاص للدولة أو في الملك العمومي أو الخاص البلدي طبق ما تنص عليه مجلة الجماعات المحلية و مجلة المحاسبة العمومية.

و قد حدد الفصل 67 المشار إليه ماهية تلك الأملاك التي تصبح ملكا عاما أو خاصا للدولة أو للبلدية و هي الطرقات و المساحات الخضراء و الساحات العمومية و المساحات المخصصة للتجهيزات الجماعية. و لا يترتب عن إدماجها أي مقابل أو غرامة باستثناء المساحة التي تزيد عن ربع مساحة التقسيم و على أساس معدل أثمان الأراضي المدمجة، و في صورة النزاع على المقابل أي غرامة إدماج المساحة التي تزيد عن ربع مساحة التقسيم فيتم العمل وفقا لقانون الإنتزاع من أجل المصلحة العامة[33] لتقديرها.

و أما إذا شمل التقسيم عقارا مسجلا فإنه يتعين على ديوان قيس الأراضي أن يوجه إلى الديوان الوطني للملكية العقارية أمثلة القطع المدمجة بالملك العمومي أو الخاص للدولة أو البلدية بمجرد الإنتهاء من عملية التحديد و ذلك قصد إخراج تلك القطع من الرسم الأم و إحداث رسوم جديدة لها باسم من آلت إليه سواء الدولة أو البلدية.

الفرع الثالث : التراتيب العمرانية العامة:

إن التراتيب العامة للتهيئة الترابية و التعمير هي كل التراتيب الخارجة عن مجال تراتيب البناء و التقسيم و أيضا عن تراتيب التصفيف و التسوية و قد اخترنا لها لفظ “العامة” باعتبار أنه أولا لا يمكن إلحاقها بإحدى المجالات التي اعتمدناها كأساس نظري للتمييز بينها، و ثانيا لتمييزها عن المصطلح الوارد بالباب الخامس من م.ت.ت.ت تحت عنوان” في التراتيب العامة للتعمير و البناء”.

و مهما يكن من تسميات فإن نطاق تفصيلنا يتعلق بالتراتيب العامة الواردة بمجلة الجماعات المحلية و كل النصوص و التشريعات الخارجة عنها. لذلك سنقوم بتعداد جملة التراتيب العامة الواردة بمجلة الجماعات المحلية (الفقرة الأولى) ثم التراتيب العامة خارج مجلة الجماعات المحلية (الفقرة الثانية).

القرة الأولى : التراتيب العامة بمجلة الجماعات المحلية :

جاءت هذه التراتيب دون تمييز بينها لكنها في الواقع تراتيب عامة لها هدف تنظيمي أو تسييري.

و  يسهر رئيس البلدية على تنفيذها  حسب ما ورد بالفصل 257 من م.ج.م و تتمثل في:

-إتخاذ كل الإجراءات للمحافظة على الأملاك البلدية وتثمينها و تفادي البطء الإداري و إسداء الخدمات في أفضل الظروف.

-انتداب و تسمية الأعوان في الخطط الوظيفية[34] في حدود ما يقره القانون وميزانية البلدية.

-اتخاذ كل الإجراءات التحفظية أو ما يوجب إيقاف سقوط الحق[35]

-اتخاذ كل القرارات المتعلقة بإعداد العقود العامة و إبرامها و تنفيذها و خلاصها .

-السهر بمساعدة الكاتب العام على حسن سير المصالح الإدارية و إسداء الخدمات.

الفقرة الثانية : التراتيب العامة خارج مجلة الجماعات المحلية :

تعتبر مجلة التهيئة الترابية و التعمير النص العام المنظم للمجال الترابي و لتخطيط و إنشاء التجمعات السكنية و تنميتها و هو ما اقتضاه فصلها الأول، لذلك يشمل انطباقها بالضرورة المجال الترابي للبلديات التي يجب عليها اتباع أحكامها و فرض تراتيبها على سكان البلدية المتعاملين معها بوجه عام.

و عادة ما تفرض هذه التراتيب بأمثلة توجيهية للتهيئة  التي تعمل على ضمان تنظيم استعمال المجال الترابي للبلدية.و حسب ما عرفها الفصل 5 من م.ت.ت.ت فالأمثلة التوجيهية تحدد :” على وجه الخصوص مآل الأراضي بصفة عامة و رسم البنى الأساسية الكبرى و التنظيم العام للنقل و مواقع التجهيزات المهيكلة و الخدمات و الأنشطة الأكثر أهمية و المواقع الثقافية بما فيها الأثرية و مناطق الصيانة و المعالم التاريخية..”.

و تتجلى هذه التراتيب في :

-وجوب تركيز المساحات التجارية[36] الكبرى التي تفوق قاعدة بنائها عند تركيزها أو بعد توسعتها 3000 م م أو التي تفوق مساحة قاعدتها المعدة للبيع 1500 م م خارج حدود المناطق المغطاة بأمثلة تهيئة عمرانية و على مسافة تساوي أو  تفوق 5 كلم من حدود هذه المناطق، و لا يمكن مخالفة هذه التراتيب إلا بأمر من وزيرا التجارة و التهيئة الترابية و التعمير حسب شروط محددة و بناء على ترخيص مسبق من الوزير المكلف بالتجارة بعد استشارة وزراء الداخلية و التهيئة الترابية و التعمير و الشؤون الإجتماعية.

-ضرورة ان لا تكون المشاريع المزمع إقامتها لها مخلفات سلبية على المحيط الطبيعي و على التوازنات البيئية العامة وعلى تنظيم المجال الترابي، و تراعي قواعد الإرتفاق المنصوص عليها بالفصل 12 من م.ت.ت.ت.

-احترام الخصوصيات المعمارية للبلدية و التي تحددها اللجان الفنية بناء على الخصائص التراثية للمنطقة[37].

-يحجر البناء في المناطق التي لا يشملها مثال تهيئة عمرانية مصادق عليه على مسافة تقل عن 100 متر ابتداء من حدود الملك العمومي البحري و من حدود بعض مكونات الملك العمومي للمياه المتمثلة في البحيرات و السباخ غير المتصلة طبيعيا و سطحيا بالبحر و قنوات الملاحة و مجاري المياه و المياه المحصورة بالأودية.

 و يمكن التوسع في هذه المسافة بالنسبة للمناطق المهددة بالإنجراف البحري أو الفيضانات و كلما دعت الضرورة  بناء على أمر من الوزير المكلف بالتعمير بعد استشارة وزراء الداخلية و البيئة و الفلاحة.

– يحجر البناء في المناطق التي يشملها مثال تهيئة عمرانية مصادق عليه على مسافة تقل عن 25 متر ابتداء من حدود الملك العمومي البحري.

و يمكن الحط من هذه المسافة إذا اقتضت الضرورة باقتراح من وزير التعمير بعد أخذ رأي وزيري الداخلية و البيئة، على أن لا يطال الحط من المسافة في كل الحالات حق الإرتفاق المنصوص عليه بالفقرة الأولى من الفصل 17 من القانون عدد 73 المؤرخ في 24 جويلية 1995 المتعلق بالملك العمومي البحري.


1 – الباب السابع من دستور 2014 و يضم الفصول من 131 إلى 142
2 – الفصل 131 من الدستور التونسي لسنة 2014
أمينة يوسف:اختصاصات الجماعات المحلية،مذكرة للحصول على شهادة الماجستير في قانون الجماعات المحلية، 3 – كلية الحقوق و العلوم السياسية بسوسة،2017-2017،ص1
كانت البلدية تخضع لرقابة إشراف ثنائية تتجسد في الوالي و السلطة المركزية و هي رقابة على الأعمال و رقابة على 4 – الهياكل البلدية
5 – صدر أول قانون بالبلاد التونسية في 14 مارس 1957 و أمر يتعلق بالقانون البلدي
6 – ينص الفصل 14 من الدستور أن :” تلتزم الدولة بدعم اللامركزية و اعتمادها بكافة التراب الوطني في إطار وحدة الدولة”.
7 – احتراما للفصل 14 من الدستور اقتضى الفصل 4 من م.ج.م :” تدير كل جماعة محلية المصالح المحلية وفق مبدأ التدبير الحر طبقا لأحكام الدستور و القانون مع احترام مقتضيات وحدة الدولة.
8 – الفصل 200 من م.ج.م
9 – هاجر عبد الملك عزديني: البلدية و التنمية الثقافية، مذكرة لنيل شهادة الماجستير المهني في قانون الجماعات المحلية،كلية الحقوق و العلوم السياسية بسوسة ،2017-2017 ، ص 13
10 – وليد الفرجاني : مبدأ التدبير الحر للجماعات المحلية ،مذكرة لنيل شهادة الماجستير المهني في قانون الجماعات المحلية، كلية الحقوق و العلوم السياسية بسوسة،2016-2017 ،ص 5
11 – محمد رضا جنيح : القانون الإداري ص 115
12 – يلاحظ أن القانون الأساسي عدد 29 لسنة 2018 المؤرخ في 9 ماي 2018 المتعلق بمجلة الجماعات المحلية قد نص في فصله الثالث أنه:” تحدث الجماعات المحلية و تضبط حدودها بالقانون.”
13 – محمد علي الكردي : مجلة التهيئة الترابية و التعمير بين مسار اللامركزية و واقع التنمية الترابية في تونس ، مؤسسة الياسمين تونس 2019
14- عرفت مجلة الحقوق العينية العقار في فصلها الثالث بأنه”كل شيء ثابت في مكانه لا يمكن نقله منه دون تلف”.وعرفت المنقولات في فصليها 13 و 14 بأنها تكون إما بطبيعتها أو بحكم القانون و هي التي يمكن انتقالها من مكان لآخر سواء انتقلت بنفسها أو بمفعول قوة أجنبية عنها. لكن أخذنا هذا التعريف كتعريف عام فقط لأن الفصل 16 أقصى الأموال العامة أو الخاصة الراجعة للدولة و للجماعات المحلية و أرجعها إلى القانونين الخاصة بها.
15- قبل دخول مجلة الجماعات المحلية كان يسمى دفتر الأملاك الراجعة للملك العمومي و للملك الخاص للبلدية الذي ضبط نموذجه بقرار وزير الداخلية ة التنمية المحلية و وزير أملاك الدولة و الشؤون العقارية المؤرخ في 6 فيفري 2007.
16- وردت القواعد الخاصة بالتقادم المكسب بالفصول من 45 إلى 52 من م.ح.ع و عرف الفصل 45 التقادم المكسب بأنه حوز لعقار أو منقول مدة خمسة عشر عاما بصفة مالك حوزا بدون شغب مشاهدا مستمرا و بدون انقطاع و لا التباس..
17 – القاضي منصف الكشو :التنفيذ في المادة المدنية و التجارية،مجمع الأطرش لنشر و توزيع الكتاب المختص 2018 ،ص 81 و82
18 – “توصف بدعوى استحقاقية الدعاوى التي تستند إلى حق عيني عقاري” طبق الفصل 20 فقرة 3 من م.م.م.ت أي التي تستند على إحدى الحقوق المذكورة بالفصل 12 من م.ح.ع
19 – نص الفصل 52 من م.م.م.ت أنه :” يمكن لمن هو حائز بنفسه أو بواسطة غيره لعقار أو حق عيني عبى عقار أن يقوم بالدعوى الحوزية..”
20 – دليل العمل البلدي ،التصرف في الملك البلدي ، مركز التكوين و دعم اللامركزية أوت 2016 ص 41
21 – دليل العمل البلدي،مرجع سابق، ص43
22 – يعرف مثال التهئية العمرانية بكونه” مجموعة الوثائق المحددة لنوعية النشاط و تراتيب استعمال الأرض و يتكون من خريطة و تقرير تقديمي و تراتيب عمرانية”.عبد العزيز الكيلاني : دورة تكوينية في ميدان التعمير لفائدة أعوان الشرطة البلدية ،مركز التكوين و دعم اللامركزية
23 – دليل العمل البلدي ، مرجع سابق ،ص 60 و 61
24 – سنعود لهذه التشاريع لاحقا بالتفصيل في إطار دراستنا لجملة هذه التراتيب
25 – الرائد الرسمي عدد 13 بتاريخ 2 فيفري 1976
26 – الرائد الرسمي عدد 17 المؤرخ في 1 مارس 1994 ،الأعمال التحضيرية :مداولة مجلس النواب و موافقته بجلسته في 16/02/1994
27 – يراجع قرار من وزير التجهيز و الإسكان مؤرخ في 10 أوت 1995
28 – يراجع قرار وزير التجهيز و الإسكان المؤرخ في 19 أكتوبر 1995
29 – يختلف التقسيم عن القسمة فالتقسيم هو عملية لاحقة للقسمة من ناحية و من ناحية أخرى يرجع العقار المقسم إلى مالك واحد أما القسمة فهي عملية قانونية رضائية أو قضائية الهدف منها فرز المنابات المشاعة و تحويلها إلى ملكية فردية.
30 – يراجع قرار وزير التجهيز و الإسكان المؤرخ في 19 أكتوير 1995 المتعلق بضبط نوعية أشغال التهيئة الأولية و الأشغال النهائية للتقسيم و كيفية استلامها.
31 – يتكون ملف مشروع التقسيم من عديد الوثائق ذكرها قرار وزير التجهيز و الإسكان المؤرخ في 19 أكتوبر 1995 المتعلق بضبط الوثائق المكونة لملف التقسيم بما فيها كراس الشروط و كذلك طرق و صيغ المصادقة عليه
32 -هي ذات اللجنة التي تنظر في ملفات رخص البناء و الهدم
33 – القانون عدد 53 لسنة 2016 المؤرخ في 11 جويلية 2016 المتعلق بالإنتزاع من أجل المصلحة العمومية
34 – أصبح الإنتداب بالبلديات يخضع للأمر الحكومي عدد 91 لسنة 2019 المؤرخ في 22 مارس 2019 المتعلق بضبط صيغ و آليات الإنتداب و الترقية و الترسيم بالبلديات و منشور وزير الشؤون المحلية و البيئة عدد 14 المؤرخ في 18 سبتمبر 2019 حول كيفية تطبيق صيغ و آليات الإنتداب
35 – سقوط الحق هو جزاء عدم القيام بالدعوى في آجالها الطويلة بما يسحق الحق أصلا نتيجة مرور فترة التقادم المسقط
36 – يراجع الأمر عدد 664 المؤرخ في 28 جانفي 2013 المتعلق بضبط شروط و إجراءات إسناد الترخيص في تركيز المساحات التجارية الكبرى
37 – على سبيل الذكر لا الحصر مثل بلدية سيدي بوسعبد في خصوص اللونين المخصصين لطلاء المباني.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: حقوق النشر و الطباعة محفوظة لمجلة الميزان
إغلاق