القانون الجزائيالقانون الخاص

تناسب العقوبة الجزائية – صفوان العوني

مقدمة

الحياة كفاح و مغالبة تختلف فيها الأهواء و تتضارب المصالح ، و في خضم هذا و ذاك تكشف النفوس عن أغوار أعماقها فتظهر الفضيلة و تنكشف الرذيلة بما فيها من مساوئ و أطماع قد تحيد بها عن الطريق السوي.

فالجريمة ظاهرة إنسانية ملازمة للمجتمعات أينما وجدت ، وجب أن نسلم بها لا أن نستسلم لها.[1]

و مع التطور التقني و التكنولوجي الذي عرفه الفرد في عصرنا هذا، فان الظاهرة الإجرامية بدورها آخذة في الانتشار و التطور،  كما أنها آخذة في التمظهر في صور و تقنيات جديدة هدفها التفصي من العقاب . لكن رغم الثبات النسبي للقواعد القانونية و الزاميتها فإنها تساهم في الوقوف حائلا أمام الظواهر الإجرامية الجديدة و زجرها.[2]

خاصة و أن المشرع الجزائي لا يحمي حقوق الأفراد إلا إذا قدر أهميتها للمجتمع.[3]

و على اعتبار أن الجريمة هي تسبب في الأذى و انتهاك للحقوق و اعتداء على عادات الناس و تقاليدهم،[4] فانه في المقابل نجد العقوبة التي هي رد فعل اجتماعي هدفه الإيلام  ،[5] عن فعل يعتبره المجتمع خطرا يمس استقراره و يزعزع أركانه.

فالقانون الجزائي هو صمام الأمان لحماية حقوق الأفراد و المجموعات، فلا يمكن لأي مجتمع مهما تحضر أن يعيش بمنأى عنه باعتباره الرادع لكل من تسول له نفسه الاعتداء على غيره.[6]  و منه فالقانون الجزائي هو جزء من النظام العام.[7]

و تتميز العقوبة بعدة خصائص حتى تؤدي هدفها المتمثل في الإصلاح و التأهيل من جهة، و الزجر من جهة أخرى.

فالعقوبة يحددها القانون و ينطق بها القاضي.[8]

و العقوبة لغة هي جزاء بالشر، قصاص.[9] فهو الجزاء الذي تضعه الدولة و تنفذه السلطات المختصة عندما يخرق الفرد القواعد المنظمة للمجتمع.[10]

و قد جاء في لسان العرب المحيط لابن منظور اعتقب الرجل خيرا أو شرا بما صنع كافاه به و العقاب و المعاقبة أن تجزي الرجل بما فعل سواء، و الاسم العقوبة و عاقبه بذنبه معاقبة و عقابا أخذه به.[11]

أما اصطلاحا فهو ما يحكم به على كل من يخالف الأحكام القانونية.

في حين انه في الاصطلاح الفقهي فالعقوبة تعني الجزاء الموقع على مرتكب الجرم لمصلحة الهيئة الاجتماعية .

 و هي عبارة عن الم يصيب الجاني جزاء له على مخالفته القانون. و الم العقاب هو أذى يلحق بالمجرم فيصيبه في جسمه أو ماله أو حقوقه أو شرفه…[12] و فكرة الألم لا تنفصل عن نظرية العقاب فهي التي تتميز بها العقوبة عن غيرها من الوسائل القسرية.[13]

و الجدير بالذكر أن الفقهاء يميزون بين العقوبة و العقاب و العاقبة و يرون أن ما يوقع على الإنسان في الدنيا يقال له عقوبة، و ما يلحقه بالآخرة فهو عقاب، في حين أن العاقبة فهي نقيض العقوبة و العقاب إذ هي الجزاء بالخير و الثواب.

مصدقا لقوله تعالى :  و العاقبة للمتقين الآية 128 سورة الأعراف.[14]

و تحكم العقوبة الجزائية عدة مبادئ تشترك فيها اغلب النظم العقابية المكرسة لحقوق الإنسان الكونية، و تتمثل أساسا في مبدأ شرعية العقوبة أو قانونية العقوبة ، و يعني انه لا يمكن للمحكمة النطق بالعقوبة إلا إذا نص المشرع عليها بمقتضى نص سابق الوضع.[15]

كما تخضع العقوبة لمبدأ شخصية العقوبة و التي تعني أن العقوبة لا تسلط إلا على مرتكب الفعل المجرم، و ليس احد أفراد عائلته أو أقاربه. و هو مبدأ دستوري في تونس فقد نص الفصل 34 :على أن العقوبة شخصية…

إضافة إلى ذلك، نجد مبدأ قضائية العقوبة، بمعنى أن السلطة القضائية هي وحدها لها حق التصريح بالعقوبة، كما انه صار المؤتمن على حسن تنفيذها.

و من جهة أخرى، تخضع العقوبة لمبدأ المساواة. و هو يعني أن العقوبة الواقع إقرارها من اجل جريمة محددة، هي واحدة بالنسبة للجميع، و أن ظروف تشديد العقوبة و تخفيفها محددة مسبقا.[16]

و من أهم المبادئ التي تحكم العقوبة و الذي يعد حديثا نسبيا، هو مبدأ التناسب على مستوى العقوبة.[17]

و مبدأ التناسب يقوم بالأساس على التوفيق بين مصالح الأفراد و المجتمع من جهة، و بين حقوق الجاني .

فهو يقتضي قيام علاقة منطقية بين مختلف القواعد القانونية و بين مختلف العناصر التي تتكون منها القاعدة القانونية الواحدة.

و مبدأ التناسب الذي يخترق المادة القانونية و يعنى بضبط العلاقة بين سبب الشيء و محله.

و يمكن إيجاد تصور ايجابي و مجرد للتناسب كالمعقولية و التناغم و الانسجام و التناسق، أو تصور سلبي مجرد كالإفراط و تجاوز الحد.[18]

و بين هاذين التصورين تتجسد مساحة التناسب بمعناه النسبي.

و هذا المبدأ الذي يقوم على الاعتدال و الوسطية، يفرض على المشرع الجزائي مراعاة فكرة العقلانية عند ممارسة سلطته في التجريم و العقاب.[19]

و قد نادى أرسطو منذ القدم بأهمية هذا المبدأ و أكد على ضرورة تكريس التناسب عوض المساواة الحسابية المجردة بين الناس.[20]

و قد ظهر مصطلح النسبية[21] أول مرة بفرنسا في معجم الأكاديمية الفرنسية لسنة 1694 .

أما التناسب فقد ظهر في الطبعة الخامسة لهذا المعجم سنة 1798 .[22]

و التناسب يجد جذوره في المبادئ الرياضية او الحسابية الصرفة و قد حافظ على ذلك لحدود سنة 1935 .[23]

و على كل  فان الفكرة الفلسفية الأولى للتناسب بدأت مع أرسطو في كتابه « éthique à Nicomaque »   الذي أكد على ضرورة توزيع الخيرات بصفة عادلة و متناسبة بين الناس عوض المساواة الحسابية البحتة. ليليه بعد ذلك رجل الدولة و المحامي الروماني cicéron  الذي ذهب لحد ربط التناسب بالنظام الكوني ،و اعتبر انه ضروري في اتخاذ قرارات الحروب و عند إيقاع العقوبات.[24]

بمعنى  آخر التناسب هو وسيلة لتحديد الإجراء الملائم للعقوبة المراد إقرارها.[25]

و  إضافة لهذه المقاربات الفلسفية لمبدأ التناسب، فهذا المبدأ يجد جذوره حتى ما قبل الحضارة الإغريقية و الرومانية فنجد أثرا له في كتاب حمورابي[26] ، فمن بين أكثر من مائتي حكم قانوني يحتويه ، يوجد ذكر و لو ضمني لمبدأ التناسب بين الجريمة و العقوبة.[27]

و نفس الشيء نجده بالديانات التوحيدية أي الإنجيل و التوراة[28] و القران[29].[30]

كما أن مبدا التناسب موجود بالقانون الروماني و تحديدا في مبدأ الدفاع الشرعي فحسب قانون جوستينين العدالة ليست إلا الرغبة المستمرة لجعل كل شخص يتحمل عواقب أفعاله.

و على كل فقد ظهر مبدأ التناسب بمفهومه القانوني البحت لأول مرة في قانون بوروسيا سنة 1794 و ذلك في إطار منع الدولة من الحد من الحريات الفردية أكثر من الضروري الذي يؤدي للحفاظ على الأمن العام.[31]

ليقع بعد ذلك تبنيه من طرف فقه القضاء الألماني،[32] ليصبح بعد ذلك هذا المبدأ ذو أساس دستوري بألمانيا في منتصف القرن العشرين.[33]

و بتأثير من القانون الألماني ، انتشر هذا المبدأ في جل أنحاء القارة الأوروبية، فقد وقع تبنيه بالقانون البلجيكي في 29 نوفمبر 1956 .

إضافة للمشرع الايطالي الذي نص عليه بدستوره لسنة 2001 و تحديدا بفصله 117 ،و أيضا بالفصل الأول من القانون عدد 241 لسنة 1990 و المتعلق بالإجراءات الإدارية و المنقح سنة 2005.[34]

و  لم يحد المشرع السويسري عن هذا المسار، فقد تبنى مبدأ التناسب في دستور 1 جانفي 2001 في فصله 36  ، و اعتبر فيه أن المبدأ هو إطلاق الحريات بحيث لا يمكن المساس بها إلا في أربع حالات حصرا و هي القاعدة القانونية ، النظام العام ، التناسب ، احترام أسس الدولة.[35]

أما بخصوص المشرع الفرنسي ، و الذي و لئن لم ينص على مبدأ التناسب كمبدأ عام بنص الدستور ، إلا انه قد وقع تبنيه من طرف فقه القضاء ، في مرحلة أولى من قبل القضاء الإداري أو فيما بعد المجلس الدستوري .[36]

و أوروبيا، فقد نص الفصلين الرابع و الخامس من معاهدة الاتحاد الأوروبي على المبدأ، كما تعتمده المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان و تعتبره معيار لتقييم ما إذا كانت الوضعية ماسة بالحقوق الجوهرية للإنسان من عدمها .[37]

و لم يحد المشرع التونسي عن هذا التمشي، فنجد  الفصل 55 من دستور 2022 الذي يعد الأساس القانوني لمبدأ التناسب.[38]

فقد اختار المشرع الحرية و جعل من أي قيد على هذه الحرية لابد من أن يحترم مبدأ التناسب لتجاوز أي جور أو انحراف بالحقوق و الحريات.[39]

فالمشرع التونسي عمل على جعل العقوبة الجزائية متماهية مع الفعلة المرتكبة ، فكلما كانت الجريمة خطيرة و مزلزلة لأركان المجتمع إلا و كانت العقوبة شديدة و رادعة.

و كلما كان الجرم بسيطا إلا و كان الجزاء متواضعا ، تأكيدا لمقولة الجزاء من جنس العمل.

و في التطرق لموضوع التناسب على مستوى العقوبة أهمية كبرى تتجلى على مستويين نظري و تطبيقي.

فنظريا، تعد دراسة التناسب العقابي في التشريع الجزائي التونسي مدخلا لمعرفة ملامح السياسة الجزائية التونسية و مدى تطورها و تأثرها بأحدث المدارس الفقهية في علم الإجرام و العقاب.

إضافة إلى مدى تأثرها بالمبادئ الكونية لانسنة العقوبة و حسن معاملة السجناء، و مدى نجاحها في تحويل السجون من أماكن لانتشار و تعلم الانحراف إلى مؤسسات تبني الأفراد و تصلح الاعوجاج و تقوم السلوك و تعيد الجناة لحظيرة المجتمع كأفراد فاعلين و منتجين ، خصوصا و أن السياسة الجزائية العامة للدولة ترتبط أيما ارتباط بالنظام السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي.

و بالتالي فأي مساس بها أو تنقيح لها يرجع بالضرورة بالتأثير على السياسات العامة للبلاد في شتى المجالات الحيوية.

أما تطبيقيا فدراسة التناسب العقابي مع كل من المجرم و الجريمة يؤدي لبيان دور فقه القضاء في تكريس هذا المبدأ سواء على مستوى النطق بالأحكام أو في مرحلة التنفيذ. إضافة إلى معرفة مدى تحقيق مبدأ التناسب و انسنة العقوبة على مستوى تنفيذها.

ففي العديد من الحالات يجد القاضي نفسه مكبلا بنصوص قانونية آمرة و مجردة و جامدة، بحيث أن قدرته على خلق فقه قضاء جديد يتماشى مع الحالات المستجدة و خصوصيات كل قضية ليس بالأمر البديهي. و هنا يتجلى دور المحامي الذي يعد الجناح الثاني للعدالة و المسبب الرئيسي في خلق فقه القضاء جديد و ثري.

فإلى أي مدى وفق المشرع في تحقيق مبدأ التناسب بين التجريم و العقاب، دون المساس بأهمية التصدي الفاعل للجريمة ؟

الجزء الأول : تكريس مبدأ التناسب

يجد المساجين أنفسهم تحت جملة من القيود تفرضها الإدارة السجنية ، و ما من شك أن العقوبة السالبة للحرية و لئن تكون مفيدة و زاجرة لجملة من الجرائم إلا أنها فقد تؤدي في حالات أخرى و خاصة الجرائم الغير خطرة إلى الاختلاط بين المجرمين الجدد و بين أصحاب السوابق العدلية و تعلم طرق و تقنيات إجرامية جديدة و متطورة، كل ذلك بالرغم من الضمانات و القواعد التي جاء بها قانون 2001 المتعلق بالسجون[40] .

 و من هنا جاءت ضرورة أن تكون العقوبة متناسبة مع الجريمة فلا يمكن بأي حال من الأحوال معاقبة السارق و القاتل مع سابقية الإضمار بنفس الجزاء، أو المساواة بين مرتكب فعل عنيف و مغتصب طفل قاصر.

و منه سنتعرض إلى التناسب على مستوى الجريمة (الفصل الأول) و التناسب على مستوى العقوبة (الفصل الثاني).

الفصل الأول :التناسب على مستوى الجريمة

هذا التناسب يتجلى على مستوى الركن المادي للجريمة و الركن المعنوي.

*الركن المادي

من المعلوم أن عقوبة القتل أو الإعدام هي اشد عقوبة عرفتها الإنسانية، فهي تقضي بإزهاق روح بشرية. و عادة ما تكون هذه العقوبة في الجرائم شديدة الخطورة على المجتمع التي لا أمل بعدها في إصلاح الجاني.

و الجدير بالذكر هو أن هذه الجرائم متعددة و موزعة على واحد و أربعون فصلا،  منها واحد و عشرون فصلا بالمجلة الجزائية، و تسعة عشر فصلا بمجلة المرافعات و العقوبات العسكرية.

إضافة إلى فصل واحد بالأمر المؤرخ في 16 أكتوبر 1897 و الواقع تنقيحه بموجب القانون عدد30 المؤرخ في فيفري 1976 و المتعلق بزجر الاعتداء على النقل بواسطة السكة الحديدية.[41]

و هذه الجرائم تتمثل في جرائم القتل مع سابقية الإضمار المنصوص عليها بالفصل 201 من المجلة الجزائية[42]، و قتل القريب بالفصل 203 من نفس المجلة.[43]

كما نجد جريمة القتل العمد مع جريمة أخرى مصاحبة لها أو لتسهيل إيقاع جريمة أخرى.[44]

إضافة إلى جريمتي الفصلين 237[45] و 251 من المجلة الجزائية ، فالأول يضع جزاء الإعدام لمن يفر بشخص و نتج عن ذلك موته ، أما الثانية فهي جرائم الاعتداء على الحرية الذاتية للفرد و تبعها موت.

إضافة إلى ذلك، نجد أيضا جريمة الفصل 306 من المجلة الجزائية الذي يقضي بعقوبة الإعدام “إذا كان الإفساد أو الإعدام واقعا بالة انفجارية و نتج عنه موت”.

و تأكيدا لمسالة تناسب العقوبة مع الركن المادي للجريمة، نذكر جريمة القتل التي تكون اثر ارتكاب جريمة أخرى أو مصاحبة لها، أو كان الهدف من القتل الاستعداد لارتكاب الجريمة  أو تسهيل ارتكابها أو مساعدة فاعليها أو مشاركيهم على الفرار أو عدم عقابهم.[46]

فالقتل العمد يعاقب عليه بالسجن مدى الحياة[47]، لكن إن وقع ارتكاب جريمة أخرى مع القتل، فالعقاب حينها يكون الإعدام.[48]

و هذا الفصل المأخوذ من المجلة الجزائية الفرنسية، و تحديدا الفصل 304 منها، اعتبر فيه المشرع أن الجريمة المرتكبة مع جريمة القتل ليست مستقلة بذاتها بل هي ظرف مشدد للعقاب.

و سبب هذا الاختيار التشريعي هو أن ارتكاب جناية مرافقة لجريمة قتل ينم عن وحشية و لا آدمية منقطعة النظير، و منه إسعاف الجاني بتوارد الجرائم يكون مسا لحقوق الضحايا و تحاملا عليهم.[49]

إضافة إلى ذلك، نذكر كذلك جريمة السرقة التي هي اختلاس متاع الغير. [50] في حين أن التحيل هو تحوز الجاني بالشيء بواسطة الكذب و الخزعبلات، أما في خيانة الأمانة فيقع تسليم الشيء طوعا. فهذه هي الخصائص التي تظهر ملامح جريمة السرقة في القانون التونسي و الفرنسي.[51]

و السرقة المنصوص عليها بالفصل 258 هي سرقة مجردة، و هي من صنف الجنح أي يعاقب عليه بالسجن من ستة عشر يوما إلى خمسة أعوام.[52]

و ينص الفصل 260 من المجلة الجزائية على انه : “يعاقب بالسجن بقية العمر مرتكب السرقة الواقعة مع توفر الأمور الخمسة الآتية :

أولا : استعمال العنف الشديد أو التهديد بالعنف الشديد للواقعة له السرقة أو لأقاربه،

ثانيا  :استعمال التسور أو جعل منافذ تحت الأرض أو خلع أو استعمال مفاتيح مفتعلة أو كسر الأختام و ذلك بمحل مسكون أو بالتلبس بلقب أو بزي موظف عمومي أو بادعاء إذن من السلطة العامة زورا،

ثالثا : وقوعها ليلا،

رابعا : من عدة أفراد،

خامسا :حمل المجرمين أو واحد منهم سلاحا ظاهرا أو خفيا. “

كما أن ارتكاب السرقة بالليل أو من طرف عدة أشخاص أو من قبل مجرمين حاملين للسلاح يعاقب عليه بالسجن لاثني عشر سنة.[53]

و بالتالي فان السرقة تتحول من جنحة إلى جناية، فالسرقة باستعمال سلاح أو باستعمال التهديد أو خلع باب منزل اخطر بكثير و اشد وطأة و وقعا من السرقات المجردة. 

كذلك يعاقب المشرع ،بعشرة أعوام سجن، مرتكب سرقة المواشي أو المعدات الفلاحية أو المحاصيل الفلاحية.[54]

و يرجع هذا التشدد العقابي للمشرع في تفاقم الركن المادي للجريمة، فالسرقة الموصوفة هي اشد خطرا و أكثر وقعا على البلاد و العباد من السرقة المجردة.

و نفس التشدد التشريعي نجده في جرائم العنف و التهديد. فان لم تتجاوز درجة السقوط الناتج عن العنف 20 فالعقاب يكون السجن لخمسة أعوام، أما إذا تجاوزت فالسجن لستة أعوام.[55]

و منه نستنتج أن العقوبة تتناسب مع نسبة السقوط البدني المحدث، أي حسب درجة العنف المسلط و شدته على المجني عليه.[56]

فكلما ازدادت حدة العنف المسلط من طرف الجاني إلا و زادت العقوبة المسلطة عليه.[57] بمعنى آخر، يساهم مبدأ التناسب في إيجاد الجزاء المناسب للجرم المرتكب.[58]

و بصفة عامة، كلما كان الركن المادي للجريمة مركبا، أي متكونا من أكثر من فعل مادي، أو كلما زاد خطره و وقعه إلا و كان العقاب اشد على الجاني. و على العكس، كلما كان هذا الركن بسيطا لا ينم عن شخصية إجرامية متأصلة إلا و اتسم التعامل العقابي بشيء من المرونة و التساهل من طرف المشرع.

*الركن المعنوي

من المعلوم أن الركن المعنوي للجريمة هو الصلة النفسية بين الفعل و مرتكبه. فهو قوة نفسية من شانها الخلق و السيطرة، فإذا ما استقرت فكرة الجرم يأتي بعدها دور التنفيذ.[59]

و من المعلوم أيضا أن الإرادة هي جوهر الركن المعنوي، فلابد أن يكون الشخص مدركا و مميزا حتى تتم مؤاخذته جزائيا.[60] فالعقوبة الواقع تقريرها على الجاني، لابد من أن يكون قبل كل شيء مميزا بين الصواب و الخطأ ، حتى يتحمل عواقب أفعاله و خاصة يتحمل تنفيذها.[61]

و بصفة عامة، تكون عقوبة الجرائم القصدية اشد من الجرائم الغير قصدية. فالنية المسبقة المتجهة نحو إحداث اثر إجرامي محدد دليل على نفسية مضطربة و عقلية إجرامية لابد من التعامل معها بحزم و شدة. بيد أن من يخرق قواعد القانون الجزائي سينال عقابه، لكن لن يكون بنفس تلك الشدة.

و لنا العديد من الأمثلة على تناسب العقاب مع نية الجاني، نذكر منها جريمة القتل العمد المعاقب عليها بالسجن بقية الحياة حسب منطوق الفصل 205 جزائي. في حين أن القتل الغير عمد يعاقب عليه بالسجن مدة عامين و خطية قدرها سبعمائة و عشرون دينارا حسب صرح الفصل 217 جزائي.[62]

أما القتل الغير عمد في إطار مجلة الطرقات، و تحديدا حسب الفصل 90 منها، فعقابه بالسجن سنة و شهر.[63]

و في هذا الإطار أكدت محكمة التعقيب في قرارها عدد 23662 و المؤرخ في 6/5/2016  انه و إن كانت النية من الأمور الباطنية إلا انه يمكن أن نستشفها و نستدل عليها بتعدد الإصابات و مكانها و بالسلاح المستعمل.[64]

كذلك الأمر بالنسبة لجريمة الاعتداء بالعنف، هذه الجريمة تعد جنحة موجبة للعقاب بالسجن لمدة عام و بخطية قدرها ألف دينار مثلما نص على ذلك الفصل 218 من المجلة. لكن العقاب يرتفع فيصبح السجن لثلاث سنوات و خطية قيمتها ثلاثة آلاف دينار في حال ارتكابها مع سابقية الإضمار حسب نفس الفصل.[65]

نجد أيضا جرائم الحرق، فمن يتعمد إيقاد نار بمبان أو سفن أو مراكب عقابه السجن بقية العمر حسب الفصل  من 307 م ج. بيد أن العقاب ينخفض إلى ثلاث سنوات سجن و ألف دينار كخطية، إذا حدث الحريق نتيجة غفلة أو عدم احتياط حسب الفصل 309 من المجلة.[66]

فيتم تخفيف العقاب لغياب القصد لدى الجاني، و يصير اشد عند وجود ذلك القصد الجزائي أو النية الجزائية. و هو ما يجسد تناسب العقوبة مع الركن المعنوي للجريمة.

فالمشرع يعتبر أن من يضمر مخالفة القانون الجزائي، و يعتدي سواء على الأملاك أو الأموال أو العباد ، هو اشد خطورة  من الشخص  الذي قد يرتكب جرما بسبب هفوة أو تقصير أو إهمال . فليس من المعقول بأي حال من الأحوال المساواة في العقاب بينهما و وضع نفس الجزاء،  خاصة و أن الأول توجهت نيته لإحداث النتيجة الإجرامية في حين أن الثاني لم يقصد ذلك بل من الممكن أن يكون نتيجة سهو أو عدم اخذ الحيطة.

الفصل الثاني :تناسب العقوبة مع الجاني 

بما أن المشرع يضع لكل جريمة عقوبة حسب خطورتها،[67]  و مثلما تتناسب العقوبة مع الجريمة فإنها تتناسب أيضا مع الجاني. و هذا التناسب يتجلى خاصة على مستوى سن الجاني و شخصه.

* تناسب العقوبة مع سن الجاني :

لا يمكن الحديث عن خصوصية العقاب حسب السن دون الحديث عن الأطفال. فمنذ أواخر القرن التاسع عشر، بدأت تظهر في جل الدول الأوروبية و الدول الانقلوسكسونية مثل الولايات المتحدة الأمريكية و بريطانيا، قوانين جزائية خاصة بالأحداث الجانحين لخصوصية هذه الفئة الاجتماعية. [68]

و لئن كان الطفل الجانح محل اهتمام المشرعين منذ تموضع القانون الجزائي بصيغه الحديثة، و ذلك من خلال اعتماد سياسة إصلاحية تارة، و طورا زجرية.[69]

فمسالة الطفولة المنحرفة، و التي تعود لأسباب اجتماعية و عائلية و عوامل أخرى ذاتية لها صلة بالتكوين الطبيعي للطفل و نفسيته،[70] هي من المسائل البالغة الخطورة و التي تعاني منها العديد من الدول المتقدمة.[71]

و كل هذه التنظيمات تتكون بالأساس من فتيان قاموا بتعكير الأمن العام و الاعتداء على الممتلكات العامة و الخاصة.

و من البديهي أن يخص المشرع التونسي ، هذه الشريحة العمرية الحساسة، بعناية خاصة ، فنجد إصدار مجلة حماية الطفل بموجب القانون عدد92 لسنة 1995 و المؤرخ في 9 نوفمبر 1995 .[72]

و هذه العناية تتجلى على المستوى الموضوعي بمعنى النصوص القانونية التي تحميه، و كذلك على المستوى الإجرائي أي القواعد الإجرائية الخاصة به.

و على اعتبار أن النظام العقابي لم يعد يأخذ على إطلاقه ، و ساهمت نسبيته في فتح إمكانية التعامل مع الجريمة و العقاب معاملة أساسها الإصلاح و التدارك و إدماج المخطئ في محيطه إدماجا ايجابيا يستفيد منه و يفيده.[73] كل ذلك تحقيقا لمبادئ نظرية الدفاع الاجتماعي التي ترمي لإصلاح الانحراف و تقويم سلوك الجاني.

فمن باب أولى و أحرى أن يتم الاعتناء بالطفل الذي هو رجل الغد، فالاهتمام بحقوقه هو من صميم الاهتمام بحقوق الإنسان. فهذه الشريحة العمرية تتمركز بين طلب الحماية و طلب العناية.[74]

و قد نص الفصل السابع من مجلة الالتزامات و العقود على أن :كل إنسان ذكرا كان أو أنثى تجاوز عمره الثمانية عشر سنة كاملة يعتبر رشيدا بمقتضي هذا القانون.[75]

كما ورد بالفصل الثالث من مجلة حماية الطفل أن : المقصود بالطفل على معنى هذه المجلة كل إنسان عمره اقل من ثمانية عشر عاما ما لم يبلغ سن الرشد بمقتضى أحكام خاصة.

و من المعلوم أن العائلة هي النواة الأولى التي يعيش فيها الطفل.[76]  و قد اعتنت الشريعة الإسلامية بالأسرة و نظمتها تنظيما متكاملا ، و بينت حقوق و واجبات كل فرد فيها للحفاظ على الترابط و التماسك الأسري وحسن تنشئة الأبناء و تربيتهم ، و حتى يصبحوا أفرادا فاعلين في المجتمع.[77]

و على اعتبار أن العمود الفقري لأي مجتمع إنساني هو أخلاقه،[78] فمن البديهي للوصول لمجتمع سليم و متناغم أن تتم تربية الناشئة على حب الوطن و حسن تربيتهم و تقويم سلوكهم.

و الملاحظ  بخصوص التشريع المتعلق بالأطفال هو غلبة النزعة الوقائية و الحمائية مقارنة بالصبغة الزجرية، و هو ما يترجم بساطة العقوبات الجزائية نسبيا.

و قد أكد في هذا الإطار، السيد حاتم قطران نائب رئيس لجنة حقوق الطفل بالأمم المتحدة و أستاذ القانون بكلية العلوم القانونية و السياسية و ذلك خلال ندوة نظمت حول “أسبوع الورد للتواصل في ظل حقوق الطفل” ، الذي صرح بان لجنة حقوق الطفل لاحظت أن تونس حققت تطورا على المستوى التشريعي.[79]

بالرغم من أن التشريع المتعلق بالأطفال موزع على عدة مجلات قانونية، كمجلة حماية الطفل ،مجلة الالتزامات و العقود ،مجلة الأحوال الشخصية و غيرها من القوانين الخاصة كقانون الولاية العمومية و الكفالة و التبني،[80] و القانون المتعلق بإسناد لقب عائلي للأطفال المهملين و مجهولي النسب.[81] و ذلك على عكس التشريعين الفرنسي و المصري .[82]

و على كل فجل هذه القوانين تشترك في كونها ذات أحكام خاصة بالأطفال ، الذين هم رجال الغد و الصورة المستقبلية للمجتمع.[83]

و بالرجوع لمسالة خصوصية العقوبة بالنسبة للأطفال، فقد اقر المشرع انتفاء المسؤولية الجزائية للأطفال الذين سنهم اقل من ثلاثة عشر عاما لعدم بلوغهم سن التمييز. و اعتبرها قرينة مطلقة غير قابلة للدحض بأي وسيلة كانت.[84] و هو ما نص عليه الفصل 68 من مجلة حماية الطفل.[85]

و بصفة عامة ، فقد اعتمد المشرع التونسي نظام التدرج في المسؤولية الجزائية لصغير السن، فحسب نفس الفصل السابق القرينة تصبح بسيطة للأطفال بين الثالثة عشرة و الخامسة عشر. ففي هذه السن  عادة ما يعتبر قاضي الأطفال أن ما يرتكبه الحدث من أفعال مخالفة للقوانين هي مجرد حوادث عفوية مبدئيا،  لا تنم عن نية إجرامية و لا تتطلب تتبع جزائي.

و بالتالي ، و تكريسا لمبادئ القانون الجزائي الاجتماعي،[86]  فان القاضي يلجا إلى تدابير التربية في هذه الحالات و المنصوص عليها بالفصل 99 من مجلة حماية الطفل.[87]

و هذه التدابير تتلاءم مع الاحتياجات الشخصية و النفسية للجانحين عملا بمبدأ تفريد الجزاء، و ذلك حتى يحرز التدبير هدفه و المتمثل في إصلاح الطفل الجانح في هذه المرحلة العمرية المبكرة و إرجاعه للطريق السليم.

أما بالنسبة للأطفال بين الخامسة عشر و الثامنة عشر ، فان تبين انه لابد من اتخاذ عقوبة زجرية رادعة في حق الطفل، فللمحكمة استبعاد العقوبات السالبة للحرية عملا بالفصل الثالث عشر بالمجلة .[88]

كما يمكنها الاكتفاء بالتوبيخ أو الخطية على معنى الفصل 73 من المجلة.[89]

أما فيما يخص العقوبات السالبة للحرية، فيقع التخفيف فيها عند ارتكاب الجريمة من الطفل.

و في هذا الإطار نص الفصل الثالث و الأربعون من المجلة الجزائية :

يقع تطبيق القانون الجزائي على المتهمين الذين سنهم أكثر من ثلاثة عشر عاما كاملة وأقل من ثمانية عشر عاما كاملة.

لكن إذا كان العقاب المستوجب هو الإعدام أو السجن بقية العمر يعوض ذلك العقاب بالسجن مدة عشرة أعوام،  وإذا كان العقاب المستوجب هو السجن لمدة معينة تحط مدته إلى النصف على أن لا يتجاوز العقاب المحكوم به الخمسة أعوام.

كذلك لا تطبق العقوبات التكميلية المنصوص عليها بالفصل الخامس من هذه المجلة وكذلك قواعد العود. فحاكم الأحداث يضطلع بدور محوري في إيقاع الجزاء المناسب للأطفال الجانحين، [90] بمعنى آخر هو الذي يحقق التناسب العقابي . فهو يسعى دائما إلى تحقيق المصلحة الفضلى للطفل.[91]

أما إجرائيا، فقد منح المشرع إمكانية الوساطة حسب ما جاء بالفصل 116 من م.ح.ط التي يطلبها الطفل الجانح أو وليه. فان تم الاتفاق بين المتضرر و الطفل و وقع الصلح حسب شروط يضعها مندوب حماية الطفولة عادة، ليقوم هذا الأخير برفعها للسلطة القضائية المختصة التي تقوم باكسائها بالصبغة التنفيذية شريطة أن لا يمس بالنظام العام أو مصلحة القاصر.[92]

فآلية الوساطة تؤدي لتجاوز الخلاف و إيقاع الصلح بين الطرفين الذين احدهما القاصر، في أي طور من أطوار التقاضي، و منه تجنب التتبعات الجزائية في حق الطفل و إعفائه من مساوئ المسارات القضائية التي قد تطول و تتشعب ، و خاصة قد تؤدي في إيداعه السجن.

و منه تتجلى الرغبة التشريعية بالنسبة للأطفال الجانحين في إبعادهم قدر الإمكان عن العقوبات السالبة للحرية، و معاملتهم بكثير من اللين و الرفق و خاصة التركيز على الجانب الوقائي على حساب الجانب الردعي، تماشيا مع شخصيته التي هي في طور التكوين و المرحلة العمرية الهشة التي يعيشها.

فتوعية الطفل و تعليمه و تقويم سلوكه و تربيته أفضل من زجره و ردعه، و لو انه في بعض الحالات لابد من تخويفه خاصة و إن اظهر ميولا إجرامية خطيرة للغاية، حينها لا تكفي مجرد التوعية أو التوبيخ.

القضائية المختصة التي تكسيه بالصيغة التنفيذية و شريطة أن يكون محترما للنظام العام و الأخلاق الحميدة.[93]

و هو ما يكرس إرادة المشرع في توفير اكبر حماية ممكنة للطفل المهدد،[94] فالغاية في الصلح واضحة و هي وضع حد للنزاع قبل المحاكمة. فالحيلولة دون مثول الطفل أمام القضاء يجسد تناسبا مع شخصية الطفل و خصوصيته و تجنيبه المساوئ التي قد تنجر عن التقاضي.

و مثلما تتناسب العقوبة مع سن الجاني، فإنها تتناسب أيضا مع شخصه.

*تناسب العقوبة مع شخص المجرم

يأخذ المشرع بعين الاعتبار شخص الجاني في إيقاع العقوبة المناسبة، و من الأمثلة على ذلك نجد :

1/ الصفة الاجتماعية الجرائم المرتكبة بين الأصول و الفروع 

سنأخذ على سبيل المثال جريمة القتل بين الأصول و الفروع 1 و جريمة السرقة 2 و جريمة إخفاء سجين فار3

1-1/ جريمة القتل

 فقتل الوالد لولده الذي يعاقب عليه بالسجن بقية العمر.[95] في حين أن نفس الجريمة إن وقع ارتكابها من الولد فالعقاب يكون بالإعدام.

فلنفس الفعلة يضع المشرع عقوبة اشد بالنسبة للفروع مقارنة بالأصول.

ففي جميع الحالات تعد جريمة القتل من أشنع الجرائم و أبشعها، بيد انه إن ارتكبها ابن في حق أمه أو أبيه … فذلك ليس إلا دليلا عن عقلية إجرامية ، و نفسية مريضة و ضمير خال من أي وازع  ديني أو أخلاقي… و ربما هذا الذي يفسر تشدد المشرع في العقاب.

و هذا التباين في العقوبة يتجلى أيضا على مستوى جريمة السرقة .

1-2/ جريمة السرقة

اعتبر المشرع أنه لا تعد من السرقة الاختلاسات الواقعة من الأصول و إن علوا لأمتعة أبنائهم…[96]

فبالرغم من توفر كامل أركان جريمة السرقة ، المشرع ينزع البعد التجريمي و العقابي عنها أن وقع ارتكابها من الأصول في حق ممتلكات أبنائهم .

و ربما يفسر ذلك بكون المشرع يعتبر أن جل ممتلكات الأبناء،  خاصة القصر ، هي على ملك الوالدين الذين يقومان بالإنفاق و اقتناء لوازم الأبناء… بمعنى آخر فان ممتلكات الأبناء هي ملك للآباء بصفة غير مباشرة لمساهمتهم في الإنفاق لشرائها…

1-3/ جريمة إخفاء مسجون فار أو المساعدة على إخفائه

اعتبر المشرع أن هذه الجريمة التي تستوجب العقاب بعام سجن أو عامين عندما تكون مرفوقة بالعنف،  حسب منطوق الفصل 148 م ج.. تكون منتفية و منه انتفاء العقوبة السالبة للحرية إن كان مرتكب الجريمة من أصول المسجون و إن علوا أو من فروعه و إن سفلوا ، كذلك الزوج أو الزوجة.[97]

فالمشرع يعلم حساسية العلاقات العائلية و تعقيدها،  و ما يمكن أن يفعله احد الأقارب من اجل تجنيب قريبه غياهب السجن، سواء كانت طرقا شرعية أم غير شرعية .

و هذا التناسب العقابي يتجلى أيضا في الجرائم المرتكبة من الأم في حق ابنها.

2/الصفة العائلية  الجرائم المرتكبة من الأم ضد ولدها

2-1/ جريمة قتل المولود

أما بالنسبة لجريمة قتل المولود فان كل شخص يتعمد قتل مولود  غير الأم،  ينال العقاب المتعلق بالقتل العمد. في حين انه إن كانت الأم هي الفاعلة فالعقاب يكون بالسجن لمدة عشرة أعوام.[98]

فإذا شارك شخص الأم في قتل مولودها، فهو معرض لنيل عقاب اشد من الفاعلة الأصلية. و هي من الحالات النادرة التي ينال فيها المشارك عقابا اشد من الفاعل الأصلي للجريمة.[99] 

2-2/ جريمة إسقاط الحمل

و هذه الخصوصية التشريعية تظهر أيضا بالنسبة لجريمة إسقاط الحمل.[100]

فالعقاب المنصوص عليه بالفصل 214 من المجلة الجزائية يختلف على حسب مرتكب الفعل المجرم . فان كان شخص غير الأم قام بإسقاط الحمل أو حاول ذلك ، فالعقاب يتمثل بالسجن لخمسة أعوام و عشرة آلاف دينار خطية أو إحداهما.

أما إن كانت الأم هي التي أسقطت حملها أو حاولت ذلك، فجزاءها عامين سجن و ألفا دينار خطية أو إحدى هاتين العقوبتين.

بمعنى أن أي إنسان غير الأم الحامل له عقاب اشد عند ارتكاب نفس الفعلة. فالمشرع يدرك العلاقة الخاصة بين الأم و ولدها، فما تحسه هذه الأخيرة تجاه فلذة كبدها لا يمكن لأي شخص آخر أن يشعر به لا من قريب و لا من بعيد. لذلك فالمشرع عامل الأم المرتكبة لهذا الجرم بكثير من الرفق و الليونة و الحساسية، بغض النظر عن الأسباب الذاتية التي دفعتها للقيام بذلك.

و هو ما يدفعنا للمرور للعود .

3/الصفة القانونية العود

نفس الشيء بالنسبة للمجرم العائد و من  زلت به القدم لأول مرة، فليس من المعقول إيقاع نفس العقوبة لمن ارتكب جرما أول مرة و لمن اعتاد الإجرام و امتهنه.

و بما أن الحق في العقاب هو ملك للدولة وحدها،[101] فلابد من أن يكون متماشيا مع المجرم ليحقق الإصلاح المرجو منه.

و يعتبر العود ظرفا من ظروف تشديد العقاب في الجنايات و الجنح.[102]

و العود يعني ارتكاب شخص لجريمة بعد الحكم عليه نهائيا بموجب جريمة أخرى، و بالتالي فهو يشترط وجود جنحة أو جناية معاقب عليها بعقوبة نهائية و ليس تدبير احترازي.

إضافة إلى ذلك، فالجريمة الثانية لابد من أن تكون مستقلة عن الأولى مثلما نص على ذلك الفصل 47 من المجلة الجزائية.[103]

أما بالنسبة للشرط الثالث، فيتمثل في المدة الفاصلة بين المحاكمة الأولى و ارتكاب الجريمة الثانية التي يجب ألا تتجاوز الخمس سنوات. و لكن استثنائيا ترتفع هذه المدة لعشر سنوات إن كانت الجريمتان تستوجبان العقاب بالسجن لعشرة سنوات فما فوق، أي من صنف الجنايات.

و تبتدا مدة العود أو اجل العود من تاريخ قضاء العقاب الأول أو من تاريخ إسقاطه أو سقوطه بمرور الزمن.

فالمشرع التونسي اعتمد العود المؤقت، على خلاف نظيره المصري الذي اعتبر ان هنالك عود حتى لو مضى على الحكم السابق زمن طويل.[104]

و في حالة العود، فان أدنى العقاب هو الأقصى المنصوص عليه في الجريمة الجديدة ، و لا يتجاوز ضعف ذلك المقدار مثلما نص على ذلك الفصل 50 من المجلة.[105]

و مثالنا على ذلك جريمة السرقة التي يتمثل أقصى عقاب لها هو خمسة سنوات، ففي حالة العود يكون العقاب متراوحا بين الخمس و العشر سنوات.

و الجدير بالذكر أن القاضي ملزم بتطبيق قواعد العود، بخلاف المشرع المصري الذي فتح المجال لاجتهاد القاضي في تطبيق قواعد العود من عدمه.[106]

و بصفة عامة، توجد ثلاث صور خاصة للعود. فالأولى تتعلق بالعائد الذي عوقب بالسجن مرتين، ففي المرة الثالثة تكون العقوبة الأقصى.

أما الصورة الثانية، فهي متعلقة بالعود في جريمة السكر الواضح، و التي تعد استثناء لعدم وجود العود في المخالفات.

و قد اعتبر الفصل 52 من المجلة انه عند ارتكاب جريمة السكر مرة ثانية ، فالعقاب يكون بالأقصى المنصوص عليه بالفصل 317 أي السجن خمسة عشر عاما.[107] و عند تكرار السكر مرة أخرى ، عندها العقاب يكون بالسجن لمدة ستة أشهر.[108]

في حين أن الصورة الثالثة فهي تتعلق ببعض القوانين الخاصة التي تعرضت للعود.

فنجد الفصل 14 من أمر 2/12/1948 الذي يضاعف أقصى العقاب عند العود.

كذلك نجد الفصل 67 من مجلة المرافعات و العقوبات العسكرية الذي رفع من الحد الأدنى لعقوبة جريمة الفرار عند العود.

و هنالك قوانين تنص على عقوبة السجن حين العود، فلو لا العود لما وجدت العقوبة السالبة للحرية ، مثل الفصل العاشر من قانون 3 ماي 1988 المتعلق بالمساجد.

فالمشرع التونسي يعتبر العائد بالخطورة الكبيرة و التي لابد من الزجر و الحزم لردعه، فالتشديد في العقاب هو السبيل الوحيد لتقويم اعوجاج هذا الأخير و انحرافه.

و هو ما يفسر عدم اعتماد المشرع نظام التشديد الاختياري للعقاب ، على عكس عدة تشاريع عربية كمصر و العراق التي تركت للقاضي المجال في تشديد العقاب من عدمه.[109]

و قد اكدت محكمة التعقيب في عدة مناسبات على انه على محكمة الموضوع التاكد من مسالة العود من عدمها عند وجود سابقة مدرجة ببطاقة السوابق العدلية للمتهم و التثبت من المال النهائي لتلك القضية و ذلك في قرارها عدد 14637 المؤرخ في 21 افريل 2006 .[110]

و بصفة عامة، فان مؤسسي علم الإجرام انتهوا إلى فكرة شديدة الأهمية ألا و هي ضرورة انتقال البحث من الجريمة إلى البحث في المجرم. فتحديد الأسباب الشخصية و الاجتماعية يساهم بشكل فعال في فهم الظاهرة الإجرامية و معالجتها.[111]

فمبدأ التناسب بين التجريم و العقاب يمثل خطوة هامة لتحقيق المساواة أمام القانون الجزائي. فالتناسب الذي يقدره المشرع لا يعني المساواة المطلقة في رد الفعل التجريمي ، فهي ليست مجرد مساواة حسابية في المعاملة الجزائية.[112]

4/ الصفة المهنية

فيما يتعلق بالصفة الوظيفية للجاني، لم يخصص لها المشرع قاعدة عامة بل تعرض لها في نصوص متفرقة من ذلك صفة الموظف العمومي مناط الفصل 82 من م.ج .

حيث جاء فيه انه يعتبر موظفا عموميا تنطبق عليه أحكام هذا القانون كل شخص تعهد إليه صلاحيات السلطة العمومية أو يعمل لدى مصلحة من مصالح الدولة أو جماعة محلية أو ديوان أو مؤسسة عمومية أو منشأة عمومية أو غيرها من الذوات التي تساهم في تسيير مرفق عمومي.

ويشبه بالموظف العمومي كل من له صفة المأمور العمومي ومن انتخب لنيابة مصلحة عمومية أو من تعيّنه العدالة للقيام بمأمورية قضائية.

و قد يرتكب هذا الأخير جريمة كالارتشاء حيث يكون حينها العقاب بالسجن لمدة عشرة أعوام و خطية قدرها ضعف قيمة الأشياء التي قبلها أو التي وعد بها  على أن لا تقل عن مبلغ عشرة آلاف دينار ، مع حرمانه من مباشرة الوظائف العمومية حسب الفصل 83 م.ج .

إضافة إلى أن صفة الموظف أو شبهه نجدها ظرف تشديد في إطار جرائم اختلاس الأموال .

فنجد عقوبة السجن لمدة عشرين عاما و خطية مساوية لقيمة ما وقع الاستيلاء عليه[113]، و أيضا السجن لعشرة سنوات و خطية بألف دينار.[114]

كما أكدت محكمة التعقيب في قرارها عدد 6032 المؤرخ في 3 جانفي 2007 أن صفة الموظف لا تكفي وحدها لتوفر أركان جريمة الاستيلاء على الأموال العمومية بل يجب أن تكون الأموال المستولى عليها من الموظف العمومي قد وضعت تحت يده بمقتضى وظيفته.[115]

و ذلك في تشدد تشريعي واضح في العقاب نظرا لحساسية موقع الموظف العمومي في الإدارات العمومية و ائتمانه على مصالح البلاد و العباد.

الجزء الثاني :حدود الإلتزام بمعايير التناسب:

رغم أهميّة مبدأ التناسب بين الجريمة والعقوبة ،وكذلك بين المجرم والعقاب الموقع عليه حتّى يكون متماهيًا مع شخصيّة كلّ مجرم وخطورة الفعل الإجرامي المرتكب من قبلِه، والّذي يؤدي بالأساس إلى إعتماد العقوبة الجزائيّة كوسيلة لإصلاح المجرم وتأديبه وتسهيل عمليّة إعادة إندماجه في المجتمع.

بيد أنّ هذا المبدأ ليس مطلقًا، فهو يعرف حدودا و التي تنقسم إلى حدود تشريعية)الفصل الاول( و حدود عمليّة )الفصل الثاني (.

الفصل الأول : الحدود التشريعية لمبدأ التناسب :

نجد العديد من الجرائم التي لا يتناسب عقابها مع خطورتها. ومن الأمثلة على ذلك نذكر جريمة الإعتداء بالعنف باستعمال السّلاح أو التهديد به على قاضٍ أثناء الجلسة المنصوص عليها بالفصل 126 من المجّلة الجزائية و المعاقب عليها بالإعدام. ورغم أنّه يمكن تفسير هذه الشدة في العقاب بصفة المجني عليه وخطورة الفعل المرتكب ووجوب احترام هيبة القضاء و مكانته[116]. إلاّ أنّ وضع عقوبة الإعدام فيه الكثير من الشطط. فنفس الفصل ينصّ على أنّ عقاب نفس الجريمة إنّ ارتكبت ضد موظّف من النظام العدلي يكون بالسجن لمدة عامين. وحتى لو أسلمنا أنّ مكانة القاضي وسمعته وهيبته من مظاهر دولة القانون والمؤسسات،   فلا يمكن اعتماد مثل هذه العقوبات السالبة للحرية المشطة و التي لا يمكن بأي حال من الأحوال مع الجرم المرتكب.

إضافة إلى أنّ دور السلطة القضائية يبرز في إشاعة العدل بعدم ائتمارها بأوامر جهة أو قوّة ضغط معيّنة وتقيّدها بروح النصوص القانونية والمرجعيّات الدستورية عند نظرها في النزاعات المطروحة أمامها، فتؤسس بذلك لبناء الدولة الديمقراطيّة الّتي يكون فيها العدل من قيمة إنسانيّة مجرّدة إلى واقع معيشي[117]. إلاّ أنّ الترفيع في العقاب إلى أقصى عقوبة في سلّم العقوبات يكون إجحافَا وتماديًا في التشدّد العقابي.

كما نذكر جريمة الاعتداء على السكك الحديدية التي ينظّمها نصّ خاصّ، ألا وهو الأمر المؤرخ في 16 أكتوبر والمنقّح بالقانون عدد 30 لسنة 1976 المؤرخ في 12 فيفري 1976. وقد وضع المشرّع عقوبة الإعدام إذا نجم عن الاعتداء على السكك الحديدية وفاة شخص. ولا جدال أنّ المشرّع يرومُ من خلال تشديد العقاب إلى حماية أرواح المسافرين خاصّةً وأنّ أيّ حادثٍ قد يؤدي لازهاق العديد من الأرواح لكن لا يصل الأمر إلى الحكم بالإعدام . فالمتأمل في هذه الجريمة يتبين أنّها غير قصدية في جل الاحيان. فماذا لو كان مجموعة من الشباب يلعبون بالقرب من السكّة الحديدية مثلما نراه في العديد من الأحياء الشعبية وأدّى مرورهم من السكّة إلى تغيير مسارها أو مجرد العبث بها إلى إفسادها خاصّةً وأننا نعلم الحالة المزرية للبنية التحتيّة لوسائل نقلنا، وأدّى ذلك لحصول حادث … هل من الصّائبِ الحكم عليهم بالإعدام؟

وتتميّز الجرائم الاقتصادية بصفة عامّة بكونها جرائم مادّيّة، أي أنّ شرط سوء النيّة أو الخطأ ليس ضروريّا لقيامها، بل يكفي حصول ضرر اقتصادي حتى تتوفّر الجريمة وتسلّط عليها العقوبة[118].

وعلى اِعتبار الجرائم الاقتصادية في ازدياد مستمر وتنوّع مطّرد بحسب إختلاف وتطوّر الأنشطة الاقتصادية والتطوّرات العلميّة والتكنولوجية، أضحى تعامل المشرع الجزائي الاقتصادي مع القصد الجزائي في الجريمة يعكس خصوصيّة تميّزها عن غيرها من الجرائم الأخرى تصل إلى حدّ إلغاء هذا الركن بمفهومه التقليدي[119]. فإثبات هذا الركن قد يمثل حائلاُ أمام سرعة الحياة الاقتصادية وديناميكيتها بصفة عامّة والنجاعة الاقتصادية بصفة خاصة[120]. وهذه الخصوصية في الميدان الاقتصادي أدّت إلى تضخم كمّي في التجريم. ومن المفارقات أنّ هذا المجال مثلما ذكرنا سابقًا يتميز بالسرعة والحيويّة، وكثرة التجريم فيه قد تفرغه من محتواه وخصوصيته. فنجد غيابا لتحديد الفعل المجرّم أو ما يسمى “بالتجريم بالجملة” ، من ذلك الفصل 35 م ص=” إن الجرائم أو محاولات إرتكاب الجرائم في حق تراتيب الصرف يعاقب عليها بالسجن من شهر واحد إلى خمس سنوات وبخطيّة من مائة وخمسون دينارا إلى ثلاثمائة دينار.” كذلك الفصل 112 من م غ=” كلّ مخالفة لأحكام هذا القسم تستوجب العقاب بخطيّة يتراوح مقدارها من 3 دنانير إلى 250 دينارا كما يمكن أيضا الحكم بالسجن لمدة تتراوح من ستة أيام إلى ثلاثة أشهر. و عند العود تعيّن الخطيّة بأقصى مقدارها مع مصادرة الوسائل المستعملة في المخالفة وبحكم حتمًا بالسجن.” كما نجد الفصل 183 م ش ت الّذي ينصّ على انه =” يعاقب بخطيّة تتراوح بين ألف وعشرة ألاف دينار كلّ من اصدر أسهم شركة وقع تأسيسها خلافا لأحكام الفصول من 60إلى 178 من هذه المجلة.” وهذا النوع من التجريم يتعارض مع مبدأ الشرعية ومع واجب الدّقّة والوضوح عند صياغة النصوص التجريمية. وذلك رغم أهميّة مبدأ الشرعية الذي يعدّ العمود الفقري للقانون الجزائي فتقوم عليه المادّة الجزائية بشقيها الموضوعي والإجرائي.[121]

هذا التجريم الّذي سمّاه الأستاذ حسن دياب في أطروحة دكتوراه حول القانون الجزائي للإستثمار”بالتجريم المفتوح”، والّذي إعتبره خرقًا واضحا وصريحًا لقاعدة الصياغة الواضحة والدقيقة للنصوص الجزائيّة.

 “فالمشرّع أصبح يصدر نصوصا جزائية ذات معاني غير محدّدة ودون إيراد تعريف بشأنها، فهيّ تشتمل على مفاهيم غامضة ومطلقة تتسع لأكثر من معنى”.[122]

وهو ما من شأنه أنّ يضرب كذلك مبدأ الأمان القانوني و الإستقرار الاقتصادي، ويجعل المستثمرين سواءً كانوا تونسيين أم أجانب في خوف و ربيةٍ دائمتين وبالتالي تهديدا للعصب الاقتصادي الوطني وللعمود الفقري للاستثمار.

فالملاحظ في الجرائم الاقتصادية عموما هو غياب أو شبهه لمبدأ التناسب بين الجريمة وعقابها. فلا يعتد بشخصية الجاني ولا باتجاه نيّة نحو إرتكاب الجريمة من عدمه، والنتيجة هو أنّ كل تحقيق للنتيجة الإجراميّة يؤدي لنفس المؤاخذة الجزائيّة للجاني وإيقاع نفس العقوبة عليه، سواء كان يقصد تحقيق النتيجة الجرمية أو لم يقصد ذلك. فالمشرّع ووعيا منه بأهميّة النظام العام الاقتصادي ودرءا لأي تقويض أو عرقلة لسير دواليب العجلة التنمويّة، تجاوز مبدأ التناسب في هذا المجال لحساسيته وإعتمد منهجا “متشدّدا” للضرب على أيادي العابثين، على إعتبار أنّ التقدّم الاقتصادي للشعوب هو المقياس الحقيقي والموضوعي الّذي يمكن من خلاله تقييم مدى تقدمها وتحضرها وتمدّنها. وهذا التشدد العقابي يظهر كذلك على مستوى كثرة التجريم في هذا المجال وأهميّة العقوبات السالبة للحرّية.[123]

كما نجد في مجلّة الشركات التجاريّة أكثر من 50 فصل جزائي، أمّا المجلة التجاريّة فتحتوي على أكثر من 40 فصل جزائي. إضافة للفصول الجزائية المنصوص عليها في مجلّة الديوانة والمجلّة الجبائية وقانون الّسوق الماليّة لسنة 1991 وقانون البنوك لسنة 2001 وقانون المؤسسات الّتي تمرّ بصعوبات إقتصادية…[124] ومن الجرائم نذكر جريمة إصدار شيك بدون رصيد المنصوص عليها بالفصل 411م فقرة 1= “يعاقب بالسجن مدّة خمسة أعوام وبخطيّة تساوي أربعين بالمائة من مبلغ الشيك أو من باقي قيمته على أن لا تقلّ عن عشرين بالمائة من مبلغ الشيك أو باقي قيمته:

  • كلّ من أصدر شيكا ليس له رصيدا سابق وقابل للتصرف فيه أو كان الرصيد أقلّ من مبلغ الشيك …”[125]

كذلكـ نذكر المسؤوليّة الجزائية للشريك الوحيد في الشركة ذات المسؤولية المحدودة. فهذا الأخير يؤاخذ جزائيا ويتعرض لعقوبة السجن لمدة تصل إلى الخمسة أعوام ولا تقل عن العام مع خطيّة تتراوح بين 500 دينار و5000 دينار و5000 دينار إذا أدلى بتصريح كاذب عند تكوين الشركة أو عند ترفيع رأس المال أو إذا أعدّ محاسبة غير مطابقة للواقع عمدا منه، أو إعتسف في استعمال مكاسب الشركة. ويعاقب بنفس العقوبة أيضا عند عدم إعداد محاسبة قانونية أو تقرير تصرّف أو تقرير تعرّف أو عدم اِتخاذ التدابير اللازمة لتسوية وضع الشركة عند تحقيقها بخسائر تساوي أو تفوق ثلث أصولها.[126]

إضافة إلى ما نصّ عليه الفصل 271 من مجّلة الشركات= “يعاقب بالسجن من عام واحد إلى خمسة أعوام وبخطيّة من ألف ومائتين إلى خمسة ألاف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط كلّ مراقب حسابات يتعمد إعطاء أو تأييد معلومات كاذبة عن حالة الشركة أو لم يعلم وكيل الجمهورية بالجرائم الّتي بلغ له العلم بها.

التجريم بالجملة أو التجريم المفتوح مثلما ذكرنا سابقا يمثل معضلة كبرى امام  تحقيق الأمان أو الاستقرار القانوني للمستثمرين سواء كانوا تونسيين أو أجانب. وبالتالي فالاستفادة من التجارب المقارنة والتشاريع العربيّة الرائدة في هذا المجال يعد ضرورة قصوى. فالمشرع المغربي على سبيل المثال يعد من التشاريع المتطوّرة في هذا المجال.

فجرائم الأعمال في التشريع المغربي تتميز بكونها ذات عقوبات سجينة مخفّفة والّتي تتراوح في غالب الأحيان بين الشهر والسنّة أشهر والاعتماد بشكل أساسي على الخطايا الماليّة عوض العقوبات السالبة للحريّة. الشيء الّذي يتماشى وخصوصيات العمل التجاري المبني على السرعة والإئتمان.[127]

الفصل الثاني : حدود عملية :

تجمع التقارير الوطنيّة والدوليّة على إستفحال ظاهرة الإكتظاظ في السجون التونسيّة وتحذر من العواقب الوخيمة للظاهرة على حياة النزلاء وعلى المنظومة السجنية ككل.

فيشير تقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة بتونس أنّ بعض السجون تشهد نسبة إكتظاظ تبلغ 150 %.

ويسجل التقرير الّذي أنجز بالتعاون مع وزارة العدل التونسية، ارتفاع نسبة الإكتظاظ بشكل خاص في سجون المسعدين بمحافظة سوسة وسجني القيروان وسوسة.

وحسب الموقع الرسمي لوازرة العدل، يفوق عدد السجناء 25 ألف شخص موزّعين على 27 وحدة سجنية و6 مراكز إصلاح. وفي هذا السياق، يشير تقرير للمرصد الأورو متوسّطي لحقوق الإنسان صادر في أكتوبر 2016 أنّ نسب الإكتظاظ تصل إلى 200% في عدد من المؤسسات السجنية.[128]

وحسب إحصائيات أصدرتها الأمم المتحدة والمجلس الأوروبي خلال سنة 2002، تصدّرت تونس المرتبة الرابعة في قائمة البلدان القمعيّة من حيث ارتفاع عدد المساجين مقارنة بعدد السكان، حيث يوجه بتونس 253 سجينا لكل مائة ألف ساكن، وبهذا تتقدم تونس على كلّ من الصين والبرازيل.[129] ولئن تحسنت الأوضاع بصفة طفيفة بعد الثورة، بعد التخمة التشريعية والتعديلات المتعاقبة والمتعلقة بحقوق المساجين والضمانات المخولة لهم، إضافة إلى التحسن النسبي على مستوى حرّية الإعلام والصحافة والدور الذي يقومون به لفضح الممارسات التعسفية والتجاوزات الحاصلة من أعوان الأمن التي لم تنقطع بعد الثورة، لكن إنخفضت بشكل كبير.

ومهما يكن من أمر، فان المشاكل الخطيرة التي تحدق بالمساجين لازالت موجودة.[130] فقد كشف التقرير الأوّل للهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب في تونس الذي سلم لرئيس الدولة ورئيسي الحكومة والبرلمان، عن الواقع الصادم المتعلق بالظروف الصحية والجسدية التي يعيشها المساجين. وذلك بعد تقصي أحوال 28 سجنا. فقد أماط اللثام على إنتشار الأمراض المعدية في صفوف السجناء كفيروس نقص المناعة البشرية المكتسبة (0,5% من مجموع السجناء)، إصابة 8 سجناء بمرض إلتهاب الكبد الوبائي، 30% من السجناء يتناولون الأدوية بشكل منتظم، وأكثر من 80% منهم يحتاجون لعلاج الفم والأسنان.[131]

كما تطرق التقرير على تأثير أوضاع السجن وظروف الاحتجاز على الجانب النفسي للسجناء، فقد ثبت إنتشار الأمراض النفسية كذلك على غرار القلق، الإضطرابات الحسية (البصريّة والسمعية)، الاضطربات الهضمية والأمراض العضلية، إلى جانب الأمراض الجلدية والهضمية، وأمراض القلب والشرايين والأمراض الرئوية والصدمات النفسية المؤدية للإنتحار والتشويه الذاتي ولإحتقار النفس والإضطرابات العقلية… كما أجمع كل من رئيس الهيئة الوطنية لمقاومة التعذيب فتحي الجراي، ورئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان جمال مسلم، على أنّ الواقع يبقى مريرا بالسجون وبصفة عامة، ومهما كانت الدول متقدمة وميزانيّة سجونها ضخمة، فان العقوبة السالبة للحرية دائما ما تكون لها تأثير سيء وسلبي على المحكوم بها عليهم … خاصة وأنّ مشكلة الإختلاط بين المجرمين الأقل خطورة وذوي الخبرة الإجرامية والمتشددين وأصحاب الأفكار الظلامية والمناهضة لدولة القانون والمؤسسات قد يؤدي لنتائج لا يحمد عقباها من تناقل للأفكار الإجرامية بينهم وربما تخطيطات مشتركة ونقل للخبرات …

لذلك، تسعى جل دول العالم، ومن بينها تونس، إلى الحدّ من العقوبات السالبة للحرية والتوجه أكثر نحو العقوبات البديلة. فهذه العقوبات تعد وسائل ضروريّة للحفاظ على الكرامة البشرية نظرا لفشل العقوبات السجنية حول العالم في تحقيق ذلك، إضافة لإصلاح الجناة. كما أنّها تتماشى مع المبدأ الدستوري النّاص على ضرورة الحفاظ على الكرامة البشرية.[132] فمثلا بالبرازيل وبموجب تنقيح 1998 للقانون الجزائي البرازيلي، صار بالإمكان الحكم بالعقوبات البديلة عند إرتكاب جرائم تستوجب السجن لمدة أقصاها أربعة سنوات،[133] منها إعتماد توقيف التنفيذ (الفصل 79 من المجلة الجزائية البرازيلية)[134]. وتشمل العقوبات البديلة جرائم التحيل وحوادث المرور والعنف المنزلي وتجاوز السلطة والتهديد …[135] فالعديد من البلدان تعتمد العقوبات البديلة، من أبرزها=

  • فنلندا= 86% من الحالات
  • النمسا= 79% من الحالات 
  • هولندا= 78% من الحالات 
  • انقلترا= 76% من الحالات
  • جنوب إفريقيا= 75% من الحالات 
  • كندا= 72% من الحالات 
  • الولايات المتحدة الأمريكية= 68% من الحالات 
  • والجدير بالذّكر أنّ فنلندا والدنمارك فيهما أحسن أنظمة إصلاحية في العالم.[136]

أمّا في الدول العربيّة، فنجد نفس التوجه نحو هذه العقوبات البديلة، فمثلا في التشريع الجزائري نجد إعتماد عقوبة المراقبة الإلكترونية الّتي عرّفها في المادة 150 مكرّر من القانون 01-18 المؤرخ في 30 يناير 2018 المتمّم للقانون رقم 04-05 المؤرخ في 16 فبراير 2005 المتضمّن لقانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين بأنّها “إجراء يسمح بقضاء المحكوم عليه كلّ العقوبة أو جزء منها خارج المؤسسة العقابيّة.”[137]


[1] عبود السراج، شرح قانون العقوبات، القسم العام ،منشورات جامعة حلب، طبعة1، 1997 ، ص1.

[2] مأمون محمود سلامة،  قانون العقوبات،  القسم العام ، دار الفكر العربي،  1979،  ص22.

[3] محمود نجيب حسني ،شرح قانون العقوبات القسم العام النظرية العامة للجريمة ، دار التهضة العربية، 1962 ، ص6.

[4] أسامة عبد الله فايد،  علم العقاب ،  دار النهضة العربية للنشر، الطبعة الأولى،  القاهرة ،  1986 ، ص19.

[5] Charlotte DEMPTINNE , la peine et sa finalité  un équilibre entre protection de la société, réparation de la victime et répression de l’auteur, mémoire en sciences criminelles, Université de Louvain , 2015-2016, p 10-11.

[6] الأزهر القروي الشابي،  جرائم لا يعاقب عليها ، مائوية المجلة الجزائية : الماضي و الحاضر و المستقبل،  منشورات مجمع الأطرش للكتاب المختص ، 2016،  ص 307.

[7] Olivier Michel et Elodie Jacques, principes de droit pénal , notes sommaires et provisoires-troisiéme édition , Master en criminologie à finalité approfondie, première année, 2014-2015, p 4.

[8] فرحات الراجحي،  تقدير العقوبة ، م.ق.ت،  نوفمبر 2007،  ص23.

[9] معجم اللغة العربية،  المعجم الوسيط،  مكتبة الشروق الدولية،  طبعة4، 2004 ، ص53.

[10] ادوار غالي الدهبي،  مبادئ علم العقاب،  المكتبة الوطنية،  طبعة1،  1975،  ص9.

[11] ابن منظور، لسان العرب، طبعة دار الجبل، دار لسان العرب، بيروت، المجلد 2، 2003 ، ص 619.

[12] Catherine TZUTZUIANO, «  l’effectivité de la sanction pénale » , thèse pour le doctorat en droit privé et sciences criminelles, Université de Toulon , le 2 décembre 2015, p 2.

[13] محمد زكي أبو عامر،  دراسة في علم الإجرام و العقاب،  الدار الجامعية،  القاهرة، 1982 ، ص9.

[14] الإمام محمد أبو زهرة،  الجريمة و العقوبة في الفقه الإسلامي ،  القاهرة،  دار الفكر العربي ، 1976،  ص35.

[15] الفصل 34 من الدستور التونسي المؤرخ في 30 جوان 2022 العقوبة شخصية، ولا تكون إلا بمقتضى نص قانوني سابق الوضع، باستثناء حالة النص الأرفق بالمتّهم.

[16] محمود نجيب حسني،  شرح قانون العقوبات القسم الخاص جرائم الاعتداء على الأشخاص،  دار النهضة العربية ، ص9.

[17] باليونانية analgon،  proportione باللاتينية .

[18] عبد المنعم بن محمد ساسي العبيدي،  شرح المبادئ الجزائية دراسة تحليلية  ، دار الكتاب ، تونس 2018 ، ص49.

[19] عبد المنعم محمد ساسي العبيدي، م س ، ص50.

[20] Marie Blondel sous la direction de Monsieur Romain Boffa, la proportionnalité des suretés , thèse de doctorat de l’université Paris-est , soutenue le 05/10/2020 , page9.

https://theses.fr/2020PESC0012.

[21] proportion : « convenance et rapport des parties entre elles et avec leur tout. ».

[22] Proportionnalité : « rapport qui unit des grandeurs, des quantités proportionnelles entre elles. ».

[23] Quentin Amat , le principe de la proportionnalité en droit de le propriété intellectuelle, thése de doctorat, Université Paris-est Créteil, soutenue le 21 janvier 2022, p 13.

[24] Quentin Amat, op.cit, p 14.

[25] André Jodouin et Marie-éve Sylvestre, article titré : « changer les lois, les idées, les pratiques : réflexion sur l’échec de la réforme de la détermination de la peine » ,Université d’Ottawa,  document généré le 2 mars 2020- 9 :26, p 534.

[26] و هو أقدم كتاب قانوني في التاريخ صدر سنة 1750 ق.م .

[27] مثل من كسر عظام شخص تكسر عظامه أو من كسر أسنان شخص تكسر أسنانه .

[28] من يضرب شخص حتى الموت مهما كان هذا الشخص يقتل حياة مقابل حياة lévitique, 24, 17-22.

[29] سورة البقرة الآية 178  ياأيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم.

[30] Quentin Amat,  op.cit, p 14.

[31] Marie Goré, Le principe de la proportionalité dans l’ordre juridique Italien , études et reflexion, conférence-débat du CDPC, 8 février 2018, p 2.

[32] قرار Kruezberg  الصادر في 14 جوان 1882 و هو القرار الذي أسس لمبدأ التناسب بألمانيا، حيث اعتبر أن العمل البوليسي يعد غير قانوني إن كان غير متناسب.

[33] Quentin Amat, op.cit, p 17.

[34] Marie Goré ,op.cit, p 3-4.

[35] La limitation des droits fondamentaux en droit constitutionnel comparé , Université de Neuchatel, soutenue le 18 janvier 2011, p 27.

[36] La nouvelle doctrine du contrôle de la proportionnalité de la cour de cassation a l’épreuve de l’analyse comparative : Allemagne, Italie, Royaume-Uni , revue générale du droit , num 29326 ,2018.

[37] Marie Goré, op.cit , p 4.

[38] الفصل 55 من دستور 2022 لا توضع قيود على الحقوق والحريات المضمونة بهذا الدستور إلا بمقتضى قانون ولضرورة يقتضيها الدفاع الوطني أو الأمن العام  أو الصحة العمومية أو حماية حقوق الغير أو الآداب العامة.

ويجب ألا تمس هذه القيود بجوهر الحقـــوق والحريات المضمونة بهذا الدستور وأن تكون مبررة بأهدافها ومتلائمة مع دواعيها.

لا يجوز لأي تنقيح أن ينال من مكتسبات حقوق الإنسان وحرياته المضمونة في هذا الدستور. وعلى كل الهيئات القضائية أن تحمي هذه

الحقوق والحريات من أي انتهاك.

[39] الحبيب خضر، الوجيز في شرح الدستور، مجمع الأطرش لنشر و توزيع الكتاب المختص، 2017 ، ص 60.

[40] القانون عدد52 لسنة 2001 و المؤرخ في 14 ماي 2001، الرائد الرسمي عدد 40 المؤرخ في 18/05/2001، ص1132-1135

الفصل : ” يقع تصنيف المساجين بمجرد إيداعهم على أساس الجنس و السن و نوع الجريمة و الحالة الجزائية بحسب ما إذا كانوا مبتدئين أو عائدين. “

الفصل 10 : “إذا اقتضى الأمر إيداع الطفل بالسجن فانه يودع بجناح خاص بالأطفال مع وجوب فصله ليلا عن بقية المساجين من الكهول. “

[41] العجمي بالحاج حمودة، تدرج العقوبات الأصلية بحثا عن الموازنة بين الدور الإصلاحي و الجانب الزجري للعقوبة، المجلة القانونية التونسية ،مركز النشر الجامعي، تونس 2009، ص81

[42] الفصل 201 م ج : ” يعاقب بالإعدام كل من يرتكب عمدا مع سابقية القصد قتل نفس بأي وسيلة كانت. “

[43] الفصل 203 م ج : “يعاقب بالإعدام مرتكب قتل القريب. و القريب هنا هو الوالد و الوالدة أي الأبوين.”

[44]الفصل 204 م ج: “يعاقب بالإعدام قاتل النفس عمدا إذا كان وقوع قتل النفس اثر ارتكابه جريمة أخرى أو كان مصاحبا لها أو كانت إثره و كانت تلك الجريمة موجبة للعقاب بالسجن أو كان القصد من قتل النفس الاستعداد لارتكاب تلك الجريمة أو تسهيل ارتكابها أو مساعدة فاعليها أو مشاركيهم على الفرار أو ضمان عدم عقابهم. “

[45]الفصل 237 م ج: “يعاقب بالسجن مدة عشرة أعوام كل من يختطف أو يعمل على اختطاف شخص أو يجره أو يحول وجهته أو ينقله أو يعمل على اختطاف شخص أو يجره أو يحول وجهته أو ينقله أو يعمل على جره أو على تحويل وجهته أو نقله من المكان الذي كان به  و ذلك باستعمال الحيلة أو العنف أو التهديد.

و يرفع العقاب إلى عشرين عاما إذا كان الشخص المختطف أو الواقع تحويل وجهته موظفا عموميا أو عضوا في السلك الديبلوماسي أو القنصلي أو فردا من أفراد عائلاتهم أو طفلا سنه دون الثمانية عشر عاما.

و تطبق هذه العقوبة مهما كانت صفة الشخص إذا وقع اختطافه أو حولت وجهته بغية دفع فدية أو تنفيذ أمر أو شرط.

و يكون العقاب بالسجن بقية العمر إذا ما تم الاختطاف أو تحويل الوجهة باستعمال سلاح أو بواسطة زي أو هوية مزيفة أو بأمر زيف صدوره عن السلطة العمومية و كذلك إذا ما نتج عن هذه الأعمال سقوط بدني أو مرض.

و يكون العقاب في هذه الجرائم الإعدام إذا ما صاحبها أو تبعها موت. “

الفصل 251 م ج: ” يكون العقاب بالسجن مدة عشرين عاما و بخطية قدرها عشرون ألف دينار :

ا ) إذا صاحب القبض أو الإيقاف أو السجن أو الحجز عنف أو تهديد،

ب) إذا نفذت هذه العملية باستعمال سلاح أو بواسطة عدة أشخاص،

ج) إذا كان المعتدى عليه موظفا عموميا أو عضوا بالسلك الدبلوماسي أو القنصلي أو فردا من أفراد عائلاتهم شريطة أن يعلم الجاني مسبقا هوية ضحيته،

د)إذا صاحب احد هذه الأفعال تهديد بقتل الرهينة أو إيذائها أو استمرار احتجازها  من اجل إكراه طرف ثالث ،سواء كان دولة أو منظمة دولية حكومية، أو شخصا طبيعيا أو معنويا، أو مجموعة من الأشخاص على القيام أو الامتناع من القيام بفعل معين كشرط صريح أو ضمني للإفراج عن تلك الرهينة.

[46] الفصل 204 م ج.

[47] الفصل 205 م ج.

[48] عبادة الكافي، المجلة الجزائية معلق عليها ، ط2 ،تونس 2016 ،ص367.

[49] عبادة الكافي ، مرجع سابق،  ص، 369، 370.

[50] الباب الثاني” في الاعتداء على الملك”،  القسم الثاني “في السرقات و غيرها مما هو مشبه بها”، الفصل 258 م ج :من يختلس شيئا ليس له يصير مرتكبا للسرقة.

و يلحق بالسرقة اختلاس الانتفاع بما هو ممنوح للغير من الماء أو الغاز أو الكهرباء.

[51] عبادة الكافي ، م س،  ص491.

[52] محمود داوود يعقوب،  تصنيف الجرائم،  1 شباط 2008 الساعة :25 10 

[53] الفصل 262 م ج.

[54] الفصل 263 مكرر م ج.

[55] الفصل 218 م ج.

[56] عبد الله الأحمدي، القانون الجنائي الخاص، السنة الثالثة-شعبة قضائية، 2003-2004، ص19

[57] Loïc Pascein, la fixation de la peine de l’homme coupable a l’homme capable, thèse pour l’obtention de doctorat, Université de Lausanne, 4 février 2010, page 132

[58] André Jodouin et Marie-éve sylvestre, article titré « changer les lois, les idées, les pratiques : réflexion sur l’échec de la réforme de la détermination de la peine, document généré le 2 mars 2020, page 534

[59] محروس نصار الهيتي ،م س،ص 18.

[60] فرح تعاريت عثمان، المحاكمة العادلة في المادة الجزائية ، مذكرة ختم تمرين من المعهد الأعلى للمحاماة 2010-2011 ،،ص1.

[61] نزيهة الحيزاوي تحت إشراف الأستاذ الهادي المناعي،سقوط العقاب، مذكرة ختم تمرين من المعهد الأعلى للمحاماة ،2012-2013 ، ص9.

[62] عبد الله الأحمدي،  قانون جزائي خاص،  م س ، ص9.

[63] فرج القصير، م س، ص136.

[64] نزار كرمي،  فقه قضاء حديث جزائي،  ط1 ، 2017،  ص69.

[65] حميدة الحاج عمر تحت إشراف الأستاذ توفيق بن مريم، ظروف تشديد العقوبات في جرائم الاعتداء على الأشخاص، مذكرة لنيل شهادة الماجستير المهني في تحرير العقود و الخدمات القانونية ، سوسة، 2012-2013، ص8.

[66] عبد الله الأحمدي، م س، ص19.

[67] Hallot Sophie, l’individualisation légale de la peine, mémoire de master M2, Université Paris-sud,faculté  Jean-monnet, 2012-2013, p12.

[68] Mélina Soussan, fonctions et motivations d’une peine privative de liberté pour mineurs, institut universitaire Kurt Bosh, Mai 2010, p 9.

[69] كمال قرداح ،  الحماية الجزائية و القضائية للطفولة في القانون التونسي  ، م.ق.ت  ، فيفري 1960 ، ص5.

[70] كمال قرداح، الطفولة المنحرفة في التشريع الفرنسي ، م.ق.ت ،جانفي 1960، ص17.

[71] مثل عصابات beatnick  بالولايات المتحدة الأمريكية  ، Houligans بأوروبا الشرقية ، Teddy boys ببريطانيا العظمى ، و عصابات الاقمصة السوداء بفرنسا.

[72] نجيبة الشريف، دور التشريع و القضاء في تجسيم حقوق الطفل ، م.ق.ت ،نوفمبر 1999 ، ص11 ،12.

الرائد  الرسمي عدد 90 بتاريخ 10/11/1995،ص 2095-2096.

[73] فتحي الميموني ، حماية الطفل بين التشريع و الواقع المتجدد،  م.ق.ت،  فيفري 2005 ، ص32.

[74] فتحي الميموني ، م س ، ص30.

[75] صالح الضاوي ، مجلة الالتزامات و العقود،  منشورات مجمع الأطرش للكتاب المختص،  ط3 ، 2015،  ص17.

[76] ساسي بن حليمة،  محاضرات في قانون الأحوال الشخصية ، مركز النشر الجامعي،  2011،  ص20.

[77] البشير زهرة، الأسرة في مجتمعنا الجديد ،م.ق.ت، أكتوبر 1965، ص13.

[78] مصطفى السماوي ،  الأخلاق و أثرها في تقدم الأمة ،  م.ق.ت ،  أكتوبر 1964 ،  ص7.

[79] آليات حماية الطفولة التونسية موقع محامي بتونس  5 جويلية 2013 .

[80] القانون عدد27 لسنة 1958 المؤرخ في 4 مارس 1958.

[81] القانون المؤرخ في 28 أكتوبر 1998 و المنقح بالقانون عدد51 لسنة 2003 و المؤرخ في 17 جويلية 2003.

[82] هاجر الفطناسي، قراءة في حماية الطفل خارج مجلة حماية الطفل، المجلة القانونية التونسية، مركز النشر الجامعي، 2017 ، ص292

[83] العجمي بالحاج حمودة، تطور قضاء الأطفال، م.ق.ت، جانفي 1999 ،،ص211

[84] هندة الدريدي تحت إشراف الأستاذة هدى حدادة، المسؤولية الجزائية لصغير السن، محاضرة ختم تمرين من المعهد الأعلى للمحاماة، تونس ،2010-2011 ، ص7.

[85] الفصل 68 م ح ط يتمتّع الطفل الذي لم يبلغ سنّه ثلاثة عشر عاما بقرينة غير قابلة للدحض على عدم قدرته على خرق القوانين الجزائية وتصبح هذه القرينة بسيطة إذا ما تجاوز الثلاثة عشر عاما ولم يبلغ بعد الخامسة عشر.

[86] Le droit socio-criminel

[87] لفصل 99 م ح ط : إذا كانت الأفعال المنسوبة للطفل ثابتة فإنّ قاضي الأطفال أو محكمة الأطفال يتّخذ بقرار معلّل أحد التدابير التالية :

  1. تسليم الطفل إلى أبويه أو إلى مقدمه أو إلى حاضنه أو إلى شخص يوثق به.
  2. إحالته على قاضي الأسرة.
  3. وضعه بمؤسسة عمومية أو خاصة معدّة للتربية والتكوين المهني ومؤهلة لهذا الغرض.
  4. وضعه بمركز طبي أو طبّي تربوي مؤهل لهذا الغرض.
  5. وضعه بمركز إصلاح.

ويجوز تسليط عقاب جزائي على الطفل مع مراعاة أحكام هذه المجلة إذا تبيّن أن إصلاحه يقتضي ذلك وفي هذه الصورة يقضي العقاب بمؤسسة مختصة وعند التعذّر بجناح مخصّص للأطفال بالسجن.

[88] لفصل 13 م ح ط : ترمي أحكام هذه المجلة قبل تدخل أجهزة العدالة الجزائية إلى إيجاد الحلول الملائمة لظاهرة انحراف الأطفال بالاعتماد على المبادئ الإنسانية والإنصاف، وتعطى الأولوية للوسائل الوقائية والتربوية. ويجتنب قدر الإمكان الالتجاء إلى الاحتفاظ وإلى الإيقاف التحفظي وإلى العقوبات السالبة للحرية وخاصّة منها العقوبات قصيرة المدة.

[89] الفصل 73 م ح ط المخالفات التي يرتكبها الطفل الذي بلغ سنّه ثالثة عشر عاما تحال على قاضي الأطفال الذي ينظر فيها دون حضور الطفل إلا إذا رغب الطفل أو وليّه في ذلك. وإذا ثبتت المخالفة جاز لقاضي الأطفال أن يوجه للطفل مجرد توبيخ أو أن يحكم عليه بالخطية إن كان له مال أو أن يضعه تحت نظام الحرية المحروسة عند الاقتضاء.

[90] ه.م قايار تعريب السيدان إسماعيل بن صالح و عبد العزيز العوادي ، دور حاكم الأحداث في حماية الأطفال و المراهقين،  م.ق.ت،  ديسمبر 1962،  ص32،  33

[91] معلى الرباعي تحت إشراف الأستاذين العجمي بالحاج حمودة و جيهان كريشان العش، قاضي الأطفال و حماية الطفل الجانح، محاضرة ختم تمرين بالمعهد الأعلى للمحاماة، 2013-2014 ،ص14

[92] زكريا عبد الله تحت إشراف الأستاذ العجمي بالحاج حمودة ، السياسة الجنائية من خلال مجلة حماية الطفل ، رسالة للإحراز على شهادة الدراسات المعمقة في العلوم الجنائية ، 1999-2000 ، ص79-80

[93] علي كحلون، م س ، ص 537، 538.

[94] زكريا عبد الله تحت إشراف الأستاذ العجمي بالحاج حمودة ، م س ، ص20.

[95] الفصل 210 م ج  يعاقب بالسجن بقية العمر الوالد الذي يتعمد قتل ولده.

[96] الفصل 266 م ج.

[97] الفصل 149 م ج .

[98] الفصل 211 م ج.

[99] عبد الله الأحمدي، قانون جزائي خاص، م س ، ص15.

[100] الفصل 214 م ج كل من تولى أو حاول أن يتولى إسقاط حمل ظاهر أو محتمل بواسطة أطعمة أو مشروبات أو أدوية أو

أية وسيلة أخرى سواء كان ذلك برضى الحامل أو بدونه يعاقب بخمسة أعوام سجنا وبخطية قدرها عشرة

آلاف دينار أو بإحدى العقوبتين.

وتعاقب بعامين سجنا وبخطية قدرها ألفا دينار أو بإحدى العقوبتين المرأة التي أسقطت حملها أو حاولت

ذلك أو رضيت باستعمال ما أشير به عليها أو وقع مدها به لهذا الغرض.

يرخص في إبطال الحمل خلال الثلاثة أشهر الأولى منه من طرف طبيب مباشر لمهنته بصفة قانونية في

مؤسسة استشفائية أو صحية أو في مصحة مرخص فيها.

كما يرخص فيه بعد الثلاثة أشهر إن خشي من مواصلة الحمل أن تتسبب في انهيار صحة الأم أو توازنها

العصبي أو كان يتوقع أن يصاب الوليد بمرض أو آفة خطيرة وفي هذه الحالة يجب أن يتم ذلك في مؤسسة

مرخص فيها.

[101] عبد الفتاح مصطفى الصيفي، حق الدولة في العقاب، جامعة بيروت العربية، طبع في دار الأحد البحيري إخوان ، بيروت 1971، ص46

[102] نظمه المشرع بالقسم3 من الباب 4 من الكتاب الأول من المجلة الجزائية تحت عنوان فيما يزيد الجرائم شدة ، من الفصل 47 إلى الفصل 52 م ج

[103] الفصل 47 م ج يعدّ عائدا كل من يرتكب جريمة بعد عقابه بموجب أخرى قبل أن تمضي خمسة أعوام على قضاء

العقاب الأول أو على إسقاطه أو على سقوطه بمرور الزمن القانوني.

ويكون الأجل عشرة أعوام إذا كانت الجريمتان مستوجبتين للعقاب بالسجن لمدة عشرة أعوام فما فوق.

[104] تفريد العقوبة في المادة الجزائية ص26

[105] الفصل 50 م ج في صورة العود لا يمكن أن يكون العقاب دون الأقصى المنصوص عليه بالفصل المنطبق على الجريمة

الجديدة ولا أكثر من ضعف ذلك المقدار لكن بدون أن يمنع ذلك من اعتماد الفصل 53 عند الاقتضاء.

[106] تفريد العقوبة في المادة الجزائية ، ص27

[107] الفصل 52 م ج ذا ارتكب السكر مرة ثانية فالعقاب يكون بأقصى العقوبات المقرّرة بالفصل 317 من هذا القانون.

وتكرّر ارتكاب السكر فيما بعد يوجب العقاب بالسجن مدة ستة أشهر.

[108] تفريد العقوبة في المادة الجزائية ، ص28

[109] خالد الكحلاوي،  ظروف التشديد في القانون الجزائي التونسي،  موقع محاماة،  16 أغسطس 2017

[110] عصام الأحمر، الجديد في فقه القضاء، مجمع الأطرش لنشر و توزيع الكتاب المختص، ،2017 ص389.

[111] يوسف الرزقي،  قاضي تنفيذ العقوبات بين وجاهة التأسيس و قصور التكريس،  المجلة القانونية التونسية،  مركز النشر الجامعي،  2000  ، ص5

[112] إيهاب الروسان،  العقوبة العادلة،  المجلة القانونية التونسية،  مركز النشر الجامعي،  2011 ، ص، 24 ،25.

[113] الفصل 99 م.ج.

[114] الفصل 100 م.ج.

[115] عصام الأحمر، الجديد في فقه القضاء، مجمع الأطرش لنشر و توزيع الكتاب المختص، ،2017 ص369.

[116] مصطفى الصخري، الإعدام والحقّ في الحياة، مرجع سابق، ص481.

[117] مليكة المزاري، استقلالية القضاء بين القانون والتكريس، دورة دراسيّة بمقر المعهد الأعلى للقضاء حول إستقلالية القضاء، 25 أكتوبر 2019، ص1.

[118] سهام عاشور المديني، خصوصيّات القصد الجزائي في الجريمة الاقتصادية، المجلّة القانونية التونسيّة 2013، مركز النشر الجامعي، ص 107.

[119]سهام عاشور المديني، خصوصيات القصد الجزائي في الجريمة الاقتصادية، مرجع سابق، ص 110.

[120]سهام عاشور المديني، خصوصيات القصد الجزائي في الجريمة الاقتصادية مرجع سابق، ص 111

[121]عبد المنعم بن محمّد ساسي العبيدي، شرح المبادئ الجزائية دراسة تحليليّة، دار الكتاب تونس 2018، ص160.

[122]محمّد المنّوبي الفرشيشي، خواطر حول السياسية الجزائية في مادّة الشركات التجاريّة، مرجع سابق، ص5.

[123] محمّد المنّوبي الفرشيشي، مرجع سابق، ص21

[124] محمّد المنوبي الفرشيشي، مرجع سابق، ص17.

[125] علي الننّي، القانون التجاري الأوراق التجارية، دروس لطلبة السنة أولى ماجستير، كلّية العلوم القانونيّة والإقتصادية والتصرّف بجندوبة، السنة الجامعيّة 2015-2016، ص100، 101.

[126] أحمد الورفلّي، الوسيط في قانون الشركات التجاريّة، منشورات مجمع الأطرش للكتاب المختص، ط3، تونس 2015، ص234 .

[127] محمّد المنّوبي الفرشيشي، مرجع سابق، ص.23 .

[128] واقع السجون في تونس … مختصون = هذا غير مقبول إ، موقع “أصوات مغاربية”، 25 أغسطس 2017.

[129] سامي بن غربية، خارطة السجون التونسية، موقع “نواة”، 25 سبتمبر 2006

[130] Alison Liebling, règles, droits et valeurs : explorer la qualité morale des prisons , AJ Pénal ,numéro 12, décembre 2015 , p580 .

[131] سجون تونس في وضع كارثي، العربي “العربي الجديد”، 04 مايو 2019

[132] ADALBERToCarim Antonio, les peines alternatives dans le monde, thése de doctorat en droit privé et sciences ciminelles, Université de limoges, 24 juin 2011 ; page 81, 82.

[133]Adalberto Carim Antonio, op.cit, page 95, 96.

[134]Adalberto Carim Antonio, op.cit, page 113.

[135]AdalbertoCarim Antonio, op.cit, page 120.

[136]Adalberto Carim Antonio, op.cit page 129.

[137]دوار جميلة، مرجع سابق، ص77.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: حقوق النشر و الطباعة محفوظة لمجلة الميزان
إغلاق