القانون الخاصالقانون العامالقانون المدنيقانون البيئة والمحيطقانون مقارن

الأبعاد القانونية لإطلاق أول قمر صناعي تونسي – محمد أمين البحري

الأبعاد القانونية لإطلاق أول قمر صناعي تونسي Challenge one – تحدي 1

يكتسي قطاع الفضاء في الوقت الراهن أهمية قصوى جعلت منه ضرورة يحتاجها الإنسان في جميع شؤونه اليومية وفي جل مجالات حياته.

لكن، يشهد العالم اليوم احتكارا لقطاع الفضاء والصناعات الفضائية من قبل دول قد بلغت في الرقي التكنولوجي والتقدم العلمي شأوا عظيما مقابل بقاء العديد من الدول بمنأى عن هذه الثورة التكنولوجية التي عرفها القرن العشرون والتي امتدت إلى القرن الحادي والعشرين.

إلا أن هذه الأخيرة لم تبق مكتوفة الأيدي إزاء ما تحققه الدول المتقدمة من إنجازات مبهرة في ميدان العلم، بل سعت إلى أن تكون لها أثر ومساهمة في الأنشطة المتعلقة بالفضاء الخارجي.

ولعل المبادرة التي أطلقتها شركة تلنات هولدينغ (Telnet Holding) التونسية لإطلاق أول قمر صناعي تونسي هي خير مثال على ذلك.

وفعلا تم آتت هذه المبادرة أكلها وتم إطلاق القمر الصناعي “تحدي 1” إلى مداره يوم 22 مارس 2021 ليبدأ عصر جديد في قطاع الفضاء بتونس.

1/تكييف الإتفاقية المبرمة بين مؤسسة تلنات وشركة خدمات الإطلاق GK Launch services:

إن المقصود بتكييف الإتفاقية هو تحديد الوصف القانوني المناسب لها بإدراجها ضمن صنف من الأصناف القانونية الموجودة.

وبغرض معرف التكييف القانوني الممكن للإتفاقية المبرمة بين تلنات و GK Launch services لا بد من تحديد خصائص هذه الإتفاقية:

*هو عقد موضوعه القيام بعمل: فالإتفاقية تتعلق بإطلاق القمر الصناعي ووضعه في مداره حول الأرض وهو في حقيقة الأمر عمل وخدمة نقل تقدمها شركة GK Launch services  لفائدة مؤسسة تلنات.

*هو عقد بمقابل: حيث أن خدمة الإطلاق التي تقدمها شركة GK launch services  يجب أن يكون له مقابل يعادل قيمة المهمة.

*هو عقد لمدة: حيث أن تنفيذ العقد بإطلاق القمر الصناعي ووضعه في مداره يستغرق مدة زمنية معينة.

*هو عقد رضائي: فالقانون لم يشترط  في الاتفاقية شكلية معينة بل اشترط رضاء الطرفين والاتفاق على عناصره وليس الكتب الذي وقعته الشركتان إلا وسيلة لإثبات الاتفاقية فقط.

بالنظر إلى هذه الخصائص، فإن الاتفاقية تقترب في تكييفها القانوني من عقد النقل. حيث أن موضوع الاتفاقية مثلها مثل عقد النقل يتمثل في نقل قمر صناعي إلى مداره حول الأرض وهو ما يمكننا من القول بأن الاتفاقية تنطبق عليها الأحكام المتعلقة بعقد النقل الواردة بالمجلة التجارية في ظل غياب نص خاص ينظمها.

غير أن قرب الاتفاقية في خصائصها لعقد نقل لا ينفي وجود اختلاف بينهما يتمثل أساسا في غياب المرسل إليه في العقد لأن القمر الصناعي سيوضع في مدار حول الأرض ولن يتلقاه شخص معين في الفضاء.

2/المسؤولية المدنية لشركة تلنات:

إن المسؤولية المترتبة عن الأضرار التي يلحقها القمر الصناعي بالأجسام الفضائية الأخرى أو بالطائرات أو على سطح الأرض تعد مسؤولية تقصيرية باعتبارها لا تخضع لعقد معين.

وبهذا المعنى، تخضع مسؤولية شركة تلنات عن الأضرار التي يحدثها القمر الصناعي في هذا الإطار إلى الأحكام العامة للمسؤولية المدنية الواردة بمجلة الالتزامات والعقود.

لكن التساؤل يطرح فيما إذا كان بالإمكان إخضاع مسؤولية شركة تلنات إلى الأحكام الواردة باتفاقية المسؤولية الدولية عن الأضرار التي تحدثها الأجسام الفضائية المصادق عليها من قبل الجمهورية التونسية في 23 مارس 1973.[1]

من المعلوم أن الاتفاقية تتعلق بمسؤولية الدول المطلقة للأجسام الفضائية عن الأضرار الناجمة عن هذه الأخيرة، ويقصد بالدولة المطلقة : “الدولة التي تطلق أو تدبر أمر إطلاق قمر صناعي”.[2]

لكن الاتفاقية لم تتضمن أي إشارة إلى مسؤولية الذوات المعنوية الخاصة.

لذلك فإن الاتفاقية لا تنطبق إلا إذا كان مشغل القمر الصناعي الدولة أو إحدى المؤسسات التابعة لها.

بالنسبة لأساس المسؤولية، فإن مسؤولية شركة تلنات عن الأضرار المحدثة يمكن أن تكون مسؤولية شخصية أساسها الخطأ خاضعة لأحكام الفصلين 82 و83 من مجلة الالتزامات والعقود أو أن تكون مسؤولية موضوعية خاضعة لأحكام الفصل 96 من نفس المجلة.

خلاصة القول أن قانون الفضاء في تونس لم يكتسب الاستقلالية بعد نظرا لكون أغلب الأحكام التي تنظمه تندرج ضمن الأحكام العامة ولا نجد أحكام خاصة تنظمه إلا في بعض النصوص المتعلقة أساسا بقطاع الاتصالات.


[1]  القانون عدد 73-11 المؤرخ في 23 مارس 1973.

[2]  المادة الأولى من اتفاقية المسؤولية لسنة 1973

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: حقوق النشر و الطباعة محفوظة لمجلة الميزان
إغلاق