تعليقا على قرار المحكمة الإدارية بخصوص طعن نادي هلال الشابة بعد قرار المحكمة الإدارية بخصوص طعن هلال الشابة: العودة للنقطة الصفر- الأستاذ الحبيب القرامي
كتب هذا المقال بتاريخ 6 ديسمبر 2020
ينشر من قبل المجلة توثيقا للبحوث القانونية في ميدان القانون الرياضي
صدر عن المحكمة الإدارية قرار هام يوم الخميس 03 ديسمبر 2020 وهو القرار المتعلق بطلب إيقاف التنفيذ الذي تقدم به هلال الشابة بخصوص قرار الجامعة التونسية لكرة القدم ولعله من الأهمية بمكان تسليط الضوء على قرار الرفض ومغزاه وأهيميته.
وبادئ ذي بدء يجدر التذكير بالوقائع الني إنطلقت بخلاف عميق بين الهيئة المديرة لجمعية هلال الشابة والجامعة التونسية لكرة القدم إنتهت بتسليط عقوبات على الفريق المذكور تمثلت في خطايا بمبالغ مالية كبيرة وانتهت بقرار تجميد فريق هلال الشابة بدعوى أن الفريق المذكور لم يسدد الخطايا ولم يقم بدفع معاليم الإنخراط كما قررت الجامعة إقامة بطولة مصغرة لسد الشغور لتحديد الفريق الذي سيعوّض الهلال المستبعد من كافة المسابقات هذا الموسم.
وحيث وإعتبارا أن القرار المذكور صدر عن المكتب الجامعي وكان نهائيا فلم يكن من بد أمام جمعية هلال الشابة إلا الطعن فيه وكان طعنها مرفوعا بصفة موازية أمام المحكمة الإدارية التونسية وكذلك أمام محكمة التحكيم الرياضي بلوزان.
وبصرف النظر عن مآل الطعن أمام “التاس” والذي هو على بساط النشر فإن ما يثير إهتمام دارسي القانون الرياضي هو القرار الأخير الذي صدر عن المحكمة الإدارية والمتعلق بمطلب إيقاف التنفيذ الذي تقدم به فريق هلال الشابة ذلك أن القرار المذكور وعلى مستوى القانون الرياضي وخاصة النزاعات الرياضية كان على غاية من الأهمية . كيف ذلك؟
من المعلوم أن حل النزاعات الرياضية هو من أنظار المحاكم الرياضية وبطريقة التحكيم وهو مبدأ أقرته كل الإتحادات الرياضية الدولية وكذلك اللجنة الأولمبية الدولية وأساس ذلك إخراج تلك النزاعات لخصوصيتها من أنظار القاضي العدلي أو الإداري لما تتسم به تلك النزاعات من خصوصية تستمدها خاصة من خصوصية الرياضة ومن ضرورة الفصل السريع ومن إستقلالية الهياكل الرياضية بكل ما في كلمة الإستقلالية من معنى .
وتعليقا على القرار الأخير الصادر عن المحكمة الإدارية بخصوص طلب إيقاف التنفيذ الذي تقدم به فريق هلال الشابة فإن ما يستوفنا قطعا هو تعليل المحكمة لقرارها إذ أكدت بوضوح أنها غير مختصة إذ جاء بقرارها ما يلي: ” بعد الاطلاع على المطلب المقدم من جمعية الهلال الرياضي الشابي و الرامي إلى الاذن بتوقيف قرار المكتب الجامعي الصادر بتاريخ 17 أكتوبر 2020 المتعلق بوضعية الهلال الرياضي الشابي ، قررت المحكمة الادارية :
- التخلي عن المطلب لعدم الاختصاص “.
إن قرار المحكمة الإدارية يستوجب إبداء ملاحظات هامة على مستوى النقاش القانوني الرياضي :
• أولها تأكيد المحكمة الإدارية لعدم إختصاصها في النزاعات الرياضية وهو مؤشر جيد جدا ومهم تناسقت فيه المحكمة الرياضية مع روح القانون الرياضي ولوائح الهياكل الرياضية بحيث أن المحكمة لم تسمح لنفسها بالنظر في موضوع ليس من إختصاصها بالقانون وهو ما يؤكد مرة أخرى أن النزاعات الرياضية لا يقع فضها أمام المحاكم العادية
• ثانيهما أن قرار المحكمة الإدارية يرجع التقاضي الرياضي في تونس للنقطة الصفر وتحديدا يطرح من جديد مسألة عدم وجود هيكل قضائي تحكيمي لفض النزاعات خاصة بعد الإنتقادات العديدة والشريرة والمقصودة التي طالت الهيئة الوطنية للتحكيم الرياضي وانجر عنها قرار الجامعة التونسية لكرة القدم ومثلها الجامعة التونسية للسباحة الإنسلاخ عن منظومة التقاضي الرياضي الوطنية .
• ثالثها أن عدم أعتراف الجامعة التونسية بالهيئة الوطنية للتحكيم الرياضي ومن ثمة عدم إعترافها بالهياكل القضائية الرياضية الوطنية إنجر عنه كل هذا السيل من القرارات الصادرة عنها بصفة كانت تعرف معها عدم إمكانية الطعن في قراراتها نظرا لصعوبة وتكلفة الطعون التي ترفع أمام المحكمة الرياضية الدولية وهنا مربط الفرس ذلك أن الجامعة المذكورة وفي خطوة محسوبة قد أقامت الدنيا ولم تقعدها ضد الهيئة الوطنية للتحكيم الرياضي لا نقدا لعمل تلك المحكمة بل تمهيدا للإنفراد بإصدار القرارات بدون الخضوع لرقابة هيكل قضائي يقع الطعن أمامه بحيث أن تنقيح الجامعة لنظامها الأساسي كان الهدف منه الإلات من الرقابة اللاحقة لقراراتها بدعوى عدم رضائها عن عمل الهيئة الوطنية للتحكيم الرياضي وكلنا يذكر الحملة الكبيرة التي قادها رئيس الجامعة ضد الكناس تمهيدا لإنسلاخه عن نظام فض النزاعات الرياضية وتمهيدا خاصة للإفلات من الرقابة القضائية على قرارات المكتب الجامعي وهو ما أدى بالمحصلة لصدور قرارات عن الجامعة المذكورة لم يقع الطعن فيها لعدم وجود إمكانية طعن لدى جهاز قضائي محلي وكذلك أدى بطبيعة الحال لحرية كاملة وحتى ديكتاتورية في إصدار القرارات يمارسها المكتب الجامعي ضد كل من لم يرق له من الفرق والشخصيات والمسؤولين وهو يعلم علم اليقين أنه في نهاية الأمر لن يقع الطعن في تلك القرارات .
في النهاية أن قرار المحكمة الإدارية وإن كان لا يصب في مصلحة الطاعنة جمعية هلال الشابة – التي يبقى حقها محفوظا أمام محكمة التحكيم الرياضي TAS – فإن القرار المذكور يدفع من جديد بإتجاه العمل على إيجاد جهاز وطني لفض النزاعات الرياضية وذلك إما بمراجعة معمقة للهيئة الوطنية للتحكيم الرياضي وإعطائها المزيد من الإستقلالية وإما بخلق جهاز جديد يكون مستقلا عن اللجنة الوطنية الأولمبية والوزارة وحتى الجامعات وتعطى له كل الصلاحيات والإستقلالية اللازمة لممارسة الرقابة القضائية العليا والأخيرة على القرارات التي تصدرها الهياكل الرياضية المحلية .