المحكمة المختصة ترابيا بالنظر في دعوى غرامة الحرمان الواردة بالفصل 27 من القانون عدد 37 لسنة 1977
الجمهوريــة التونسيــة الحمــد لله،
وزارة العـدل
محكمــة التعقيــب
*عـ60951.97ـدد القضيـــة
تاريخـــه :04/05/2000
اصــدرت محكمة التعقيـب بدوائرها المجتمعة القرار الاتي :
بعد الاطلاع على مطلب التعقيب المضمن تحت عدد 60951 والمرفوع في 27 جوان 1997 من الاستاذ فرج مغيث
نيابة عن : مليكة
ضــد : محمد صالح
طعنا في الحكم المدني عدد 87993 الصادر بتارخ 13 افريل 1990 عن محكمة الاستئناف بتونس بقبول الاستئناف شكلا وفي الاصل بنقض الحكم الابتدائي والقضاء من جديد باعتبار محكمة الدرجة الاولى مختصة ترابيا وتقدير غرامة الحرمان بمبلغ عشرة الاف دينار (10.000.000د) تدفع للمكترى عند اخراجه من المحل واعفا ءالمستانف من الخطية وارجاع المال المؤمن اليه وحمل المصاريف القانونية على المستانف ضدها وتغريمها لفائدة المستانف بمائتي دينار لقاء الاتعاب واجرة المحاماة عن الطورين مع مائتي دينار لقاء اجرة الاختبار معدلة من المحكمة
وبعد الاطلاع على الحكم المخدوش فيه وعلى مستندات الطعن وعلى بقية الوثائق التي اوجب الفصل 185 من م م م ت تقديمها
وبعد الاطلاع على ملحوظات النيابة العمومية والاستماع الى شرح ممثلها بالجلسة
وبعد التامل من كافة اوراق الملف والمداولة طبق القانون صرح بما يلي :
مـــن حيث الشكل :
حيث استوفى مطلب التعقيب جميع اوضاعه وصيغه القانونية لذا فهو مقبول شكلا
مــــن حيث الاصل :
حيث تفيد وقائع القضية كما اثبتها القرار المنتقد والاوراق التي انبنى عليها قيام المعقب ضده عارضا لدى محكمة البداية ان في تسوغه من شركة تجارية جميع المحل المعد مقهى والكائن بحاجب العيون وقد تجدد الكراء بين الطرفين الا انه تلقى تنيها في 18/05/1982 محررا من عدل منفذ تضمن ان المنبهة اصبحت مالكة للمقهى دون بيان وجه انتقال الملكية وتاريخ انتقالها إليها وضربت له اجلا للخروج ينتهي بانقضاء ستة اشهر من تاريخ التنبيه واحالته على مقتضيات الفصل 27 من قانون 25 ماي 1977 في خصوص حق المطالبة بغرامة الحرمان وبما ان التنبيه باطل لعدم صفة من صدر عنها (لم تكن طرفا في عقد الكراء) فقد قام بقضية لدى ناحية تونس بهدف الحكم بابطاله والغاء مفعوله وحتى على فرض صحة التنبه موضوع النزاع فقد خول الفصل 7 من قانون 25 ماي 1977 للمسوغ حق المطالبة بغرامة الحرمان طالبا :
1) ارجاء النظر في القضية المتعلقة بغرامة الحرمان ريثما يتم النظر في قضية ابطال التنبيه المحرر من عدل التنفيذ محمد المغربي تحت عدد 8240 بتاريخ 18/05/1982 من قبل محكمة ناحية تونس المتعهدة بالموضوع
2) وبصفة احتياطية الاذن تحضيريا بتكليف خبير في الاكرية التجارية لتقدير غرامة الحرمان والزام الخصيمة بدفعها وابقائه بالمكرى الى ان تسلمه المطلوبة المنحة المحكوم بها وتغريمها بكلفة المحاماة وحمل المصاريف القانونيةعيها ومنها مصاريف الاختبار فتمسكت المطلوب بعدم الاختصاص الترابي لوجود العقار محل النزاع بحاجب العيون ولاية القيروان
وبعد استيفاء الاجراءات القانونية اصدرت محكمة البداية حكمها 12/45759 بتاريخ 02/1/1984 بالتخلي عن القضية لعدم الاختصاص الترابي بناء على ان قضايا بالمطالبة بغرامة الحرمان هي من القضايا المستثناة وان القاعدة المتعلقة بها في خصوص تحديد مرجع النظر الترابي تجعل المحكمة التي بدائرتها الاصل التجاري مختصة اختصاصا مطلقا وهي نفس القاعدة الواردة بالفصل 28 من القانون عدد 37 المؤرخ في 25/5/1977 فاستانفه المحكوم ضده
وبعد الترافع اصدرت محكمة الدرجة الثانية حكمها عدد 61329 بتاريخ 2/4/1986 بنقض الحكم الابتدائي والقضاء من جديد باعتبار محكمة الدرجة الاولى مختصة ترابيا وتقدير غرامة الحرمان بمبلغ عشرة الاف دينار تدفع للمكترى عند اخراجه من المحل – استنادا الى ان الفصل 27 من القانون عدد 37 لسنة 1977 لم يسند الاختصاص الترابي الى المحكمة التي بدائرتها المحل للنظر في غرامة الحرمان مما يستوجب الرجوع الى قاعدة القانون العام
فتعقبته الطاعنة ناعية عليه هضم حقوق الدفاع ضرورة انها تمسكت باتصال القضاء لكن المحكمة لم ترد على هذا الدفع علاوة على خرق القانون اذ انها تمسكت بعدم الاختصاص الترابي لان الفصل 31 من القانون عدد 37 لسنة 1977 اكد تطبيق القانون العام فيما عدا الفصلين 27 و 30 وان ذكر “المحكمة” في الفصل 28 لا يعد تخصيصا وانما تكريسا لمبدأ استثناء كل دعاوي الفصلين 27 و 30 منه
فقضت محكمة التعقيب بتاريخ 1/12/1988 صلب قرارها عدد 20062 بالنقض والاحالة بناء على ان عدم الرد على الدفع المتعلق باتصال القضاء فيه هضم لحقوق الدفاع وقصور في التسبيب علاوة على انه يتضح من احكام الفصول 27/28/29/30/31 من القانون المؤرخ في 25 ماي 1977 ان النظر في الدعاوي المتعلقة بها يكون وفق احكام القانون العام ومعنى ذلك ان القضايا المتعلقة بغرامة الحرمان وتجديد التسويغ تختص بنظرها المحكمة التي بدائرتها الاصل التجاري
وتبعا لذلك اعيد نشر القضية لدى محكمة الاحالة التي قضت بنص حكمها المضمن بالطالع استنادا الى ان المشرع بالفصل 27 من القانون عدد 37 لسنة1977 لم يستند الاختصاص الترابي في مادة النزاع في غرامة الحرمان الى المحكمة التي بدائرتها المحل وانما نص على رفع الامر الى المحكمة ذات النظر ولو كان في نية المشرع تخصيص محكمة الاصل التجاي للنظر لنص على ذلك مثلما هو الامر بالفصل 28 من نفس القانون وطالما ان الفصل 27 المذكور لم يعين المحكمة التي بدائرتها المحل للنظر في دعوى غرامة الحرمان فانه يتجه الرجوع الى قواعد القانون العام وخاصة منها الفصل 30 من م م م ت والذي يوجب محاكمة المطلوب لدى المحكمة التي بدائرتها مقره الاصلي او مقره المختار
فتعقبته الطاعنة من جديد ناعية عليه خرق احكام الفصول 27/28/29/30/31 من القانون عدد 37 المؤرخ في 25 ماي 1977 مستندة الىان القول بان الفصل 37 قد اقتضى ان “جميع الدعاوي المقامة بناء على تطبيق هذا القانون غير القضايا المنصوص عليها بالفصول من 27 الى 30 من هذا القانون يقع النظر والبت فيها طبق احكام القانون العام “
مما يؤخذ منه ان كل الدعاوي المشار اليها مستثناة ولا تنطبق عليها احكام القانون العام بما في ذلك مرجع النظر الترابي ويكون الحكم المنتقد قد جانب الصواب عندما اعتبر ان عبارة “المحكمة ذات النظر ” الوارد ذكرها بالفصل 27 من القانون تعني الرجوع الى قواعد اقانون العام ضرورة ان ادراج الفصل 27 في قائمة الدعاوي المستثناة المذكورة بالفصل 31 يصبح لا معنى له اذ ان نص القانون لا يتحمل الا المعنى الذي تقتضيه عبارته وقفا للفصل 532 م ا ع فضلا على ان نية المشرع واضحة في تخصيص المحكمة التي بدائرتها الاصل التجاي بالبت في الدعاوي الناجمة عن استغلال هذا الاصل ما يوجب منطقا توحيد مرجع النظر الترابي اذ لا يستساغ ان تتعهد محكمة ما بدعاوي تعديل الكراء واخرى بدعوى غرامة الحرمان لنفس الاصل التجاري
عن المطعـــــن الوحيــــد :
حيث خالفت محكمة الاحالة محكمة التعقيب في تعيين المحكمة المختصة ترابيا بالنظر في دعوى غرامة الحرمان الواردة بالفصل 27 من القانون عدد 37 لسنة 1977 فلزم البت في هذه المسالة القانونية من طرف الدوائر المجتمعة تطبيقا للفصل 191 من م م م ت
وحيث افرد المشرع الملك التجاري باجراءات خاصة تضمنها العنوان الثاني من القانون عدد 37 لسنة 1977 المتقدمة الاشارة اليه
وحيث اوجب الفصل 27 المذكور على المتسوغ الذي يريد المطالبة بغرامة الحرمان ان يرفع الامر الى المحكمة ذات النظر دون ان يحدد صراحة ما اذا كانت تلك المحكمة هي الكائن بدائرتها العقار المستغل فيه الاصل التجاري أم المحكمة التي بها مقر المطلوب
وحيث ان مطالب غرامة الحرمان هي من الدعاوي الناشئة عن تطبيق قانون الملك التجاري وهي دعوى شخصية مصدرها القانون خاضعة من حيث الاختصاص الترابي للمقر الاصلي او المقر المختار للمطلوب طبقا للفصل 30 من م م م ت ما لم ينص القانون على خلاف ذلك
وحيث نص الفصل 31 من القانون عدد 37 لسنة 1977 المؤرخ في 25/5/1977 “ان جميع الدعاوي المقامة بناء على تطبيقه غير القضايا المنصوص عليها بالفصول 27 الى 30 منه يقع النظر والبت فيها طبق احكام القانون العام “
وحيث ان القضايا المتعلقة بالثمن او المدة وبتعيين الكراء الوقتي هي من الاختصاص الترابي للمحكمة بالجهة الكائن بها العقار عملا بالفصلين 28 و 29 من القانون المذكور
وحيث ان الترابط بين الفصول صلب القانون ذاته يقتضي العمل بنفس الاختصاص الترابي لمحكمة مقر العقار للنظر في دعاوي غرامة الحرمان طالما ان كل الدعاوي المشار اليها بالفصول 27 و28 و 29 مستثناة من احكام القانون العام وخاضعة للاجراءات الواردة بالقانون عدد 37 سنة 1977 بصريح الفصل 31 من القانون المذكور
وحث يؤخذ من الفصل 19 من نفس القانون ان للمالك حق اخراج المتسوغ قبل اتصاله بالغرامة المستحقة بشرط ان بدفع له غرامة على الحساب يحددها رئيس المحكمة الابتدائية بالجهة الكائن بها العقار” ويحكم فيها طبقا للشروط الواردة بالفصل 28 فتكون بذلك محكمة مكان العقار بمقتضى تلك الاحالة القانونية للفصل المذكور هي المختصة ترابيا بالنظر في طب غرامة الحرمان النهائية وفي تقدير الجزء الذي يقضى به منها على الحساب وذلك تحقيقا لحسن سير القضاء وتكريسا للتناسق بين الفصول المتعلقة بنفس الموضوع صلب لقانون الواحد
وحيث استبان ان المحكمة المخدوش في حكمها اعتبرت ان محكمة تونس الابتدائية مختصة ترابيا بالنظر في دعوى غرامة الحرمان بناء على انها محكمة المقر المختار للمطلوبة دون بيان الدعاوي المستثناة صراحة من احكام القانون العام بموجب الفصل 31 من القانون عدد 37 لسنة 1977 فيكون قضاؤها خارقا لاحكام الفصول 27 – 28 – 29 – 30 _ 31 من القانون المشار إليه ولزم لذلك نقض حكمها دون احالة لانعدام كل موجب لاعادة النظر من قبل محكمة الدرجة الثانية.
ولهــــــذه الاسبـــــاب
قررت المحكمة بدوائرها المجتمعة قبول مطلب التعقيب شكلا واصلا ونقض الحكم المطعون فيه دون احالة والاعفاء
وقد صدر هذا القرار بحجرة الشورى يوم الخميس 04 ماي 2000 عن الدوائر المجتمعة
برئاسة السيد مبروك بن موسى الرئيس الاول لمحكمة التعقيب