الحماية القانونية لتشغيل النساء بين الواقع والقانون
للطالبة: نورة اليعقوبي دكتوراه في القانون الخاص
كلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس المنارالرقم : 55316840
يشكل الحق في العمل والحرية في اختياره أحد أهم مقومات الكرامة الإنسانية[1]، فهذا الأخير هو من أكثر الحقوق التي نال اهتمام مختلف قوانين الدول[2]. وإذا كان من المتعارف عليه أن شغل المرأة أصبح يعول عليه كثيرا في الوقت الراهن إلى جانب الرجل من أجل تحقيق المساواة بينهما، فقد حضي تشغيل النساء بمكانة خاصة بمختلف التشريعات، وازداد الاهتمام بقضية المرأة، وإتاحة الفرصة لها لممارسة دورها بفعالية مثل الرجل، والمساهمة في صنع القرار في مختلف مجالات الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وقد أولت العديد من المنظمات، والهيئات، والدول الاهتمام بهذا المجال، وذلك من خلال إقامة مجموعة من المؤتمرات والندوات، وأشارت هذه الفعاليات بكافة أشكالها المتنوعة إلى أهمية تمكين المرأة، وإعطائها الحق الكامل بالعمل في كافة الميادين.
فبدأ دعم الأمم المتحدة لحقوق المرأة مع الإطار الدولي المعلن في ميثاق الأمم المتحدة. ومن بين مقاصد الأمم المتحدة المعلنة في المادة 1 من ميثاق الأمم المتحدة لتحقيق التعاون الدولي على تعزيز احترام حقوق الإنسان، والحريات الأساسية للناس جميعا والتشجيع على ذلك إطلاقا بلا تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين ولا تفريق بين الرجال والنساء“[3]. وقد تم أنشأ المجلس الاقتصادي والاجتماعي لجنة وضع المرأة، بصفتها الهيئة العالمية الرئيسية لصنع السياسات المتعلقة حصرا بتحقيق المساواة بين الجنسين والنهوض بالمرأة. وكان من أوائل إنجازاتها هو ضمان لغة محايدة بين الجنسين في مشروع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان[4].
ويلاحظ، أن الاهتمام الدولي بحماية حقوق المرأة لم يقف عند هذا الحد، أي عند مستوى إقرار المبادئ والقواعد القانونية ذات الصلة، وإنما امتد إلى إنشاء أجهزة دولية مستقلة تناط بها مهمة الاضطلاع بمجمل الوظائف والاختصاصات المتعلقة بشؤونهم، كهيئة الأمم المتحدة للمرأة ولجنة مناهضة كافة أشكال التمييز ضد المرأة المعروفة بلجنة السيداو، وصندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة (اليونيفيم).
أن قضية المرأة لا يجب التعامل معها باعتبارها قضية صراع بين الرجل والمرأة. فالاثنان ليس خصمين، بل شريكان متضامنان على الدوام. لذلك فالالتزام الدولي بحماية المرأة وكفالة حقوقها وحرياتها الأساسية ينطوي على شقين رئيسين، أحدهما ذو طبيعة إيجابية، ويقتضي تحقيق المساواة بين الجنسين وتكافؤ الفرص ومراعاة اعتبارات النوع الاجتماعي، أو ما يسمى المنظور الجندري، في البرامج والسياسات العامة، واتخاذ ما يلزم من تشريعات وتدابير تكفل تمكين المرأة وتحررها من الخوف، أما الشق الأخر، فذو طبيعة سلبية، مفادها القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة والحد من الأنماط المختلفة للعنف القائم ضدها في اغلب المجتمعات[5]. ويتعين القول، إن التمييز المرفوض أو المستهجن، هنا هو التمييز في معناه السلبي، أي التمييز ضد المرأة القائم لا لاعتبار سوى اختلاف الجنس أما التمييز الإيجابي في إطار الاعتراف بالاحتياجات النوعية للمرأة والوفاء بمتطلباتها الخاصة أو ما يعرف بالسياسات التعويضية لصالح المرأة، فهو، عادة، ما يكون مطلوبا[6].
وغني عن البيان، فأن المشرع التونسي اليوم قد ساير الجهود الدولية في هذا الشأن فكفل للمرأة التونسية، وعلى اختلاف مستويات سلم النظام القانوني التونسي، حقوقا وحريات عديدة بهدف القضاء على كافة أشكال التمييز ضدها، تحقيق للمساواة بين الجنسين. كما عمل المشرع بالإضافة إلى ذلك على وضع ضوابط معينة ومميزة تكفل حماية حقوق المرأة وتوفير حد أدنى من الشروط الإنسانية التي تمنح حماية للمرأة في أطار العمل[7]. نظر للوضعية التي كانت تعمل فيها المرأة في تونس، فقد كان من اللازم الاعتراف القانوني بحقها في العمل لضمان تحسين وضعيتها، كما كان من واجب المجتمع بكل مكوناته تهيئ فرص العمل وظروفه، وأن يدعم هذه الفرص دائما بما يصون المرأة ويحفظ كرامتها، وأن يقيم المساواة بين الرجل والمرأة في فرص العمل، ومبدأ تكافؤ الفرص، وحضر التمييز وإقرار مبدأ المساواة لصالحها. خاصة وأن المرأة عانت طويل بسبب هذا التمييز في ممارستها لحق الشغل، وذلك للأسباب متعددة، تلك التي تتعلق بالخلفيات الثقافية التي ترسخ فكرة التمييز بين الجنسين.
كرس التشريع التونسي مبدئيا مبدأ المساواة أي مساواة المرأة بالرجل، وتكافوا الفرص بينهما في كل مجالات الحياة وخاصة مجال العمل حماية لها (فصل أولى)، دون أي تمييز إلا ما تعارض مع خصوصياتها كامرأة، خاصة وأن القوانين التميزية أصبحت تشكل عقبة رئيسية تعيق المشاركة الاقتصادية للمرأة، مما يعيق التنمية. والحقيقة، أنه على الرغم من هذا الموقف الإيجابي عموما من جانب كل من المشرعين الوطني والدولي فيما يتعلق بالحماية الدولية للمرأة في العمل[8]، إلا أن الواقع يكشف بوضوح، عكس ذلك.
فرغم المكاسب التي تمتلكها المرأة التونسية منذ الاستقلال من أجل إرساء المزيد من التشريعات التي تضمن الحرية والمساواة بين الجنسين. إضافة إلى دور القوانين المعنية بتعزيز المساواة بين الجنسين، وحماية المرأة العاملة، والتي تزداد كما، ونوعا على المستويين الوطني والدولي، لما تزل الهوة قائمة بين تلك الحقوق، والحماية التي تنص عليها القوانين وترجمتها على أرض الواقع أمام غياب رؤية واضحة لتحقيق مساواة النوع الاجتماعي في ميدان العمل (فصل ثانية).
الفصل الأولى: أوجه الحماية القانونية للنساء في مجال التشغيل
لقد حصل تقدم على مستوى العالم في العقود الأخيرة لتحسين المساواة بين الجنسين في عالم العمل. فمن المتعارف عليه عالميا بأن المساواة بين النساء والرجال في عالم العمل، من القيم الأساسية للأسرة الدولية وأحد حقوق الإنسان الأساسية. إلا أنه ونظر للفوارق الطبيعية بين المرأة والرجل، فقد كرست النصوص القانونية واقعيا، مجموعة من الحقوق للمرأة العاملة سواء ما يتعلق بتأكيد المساواة بينها وبين الرجل في مجال التشغيل، أو على صعيد المساواة في الأجور. وعلى الرغم من إقرار مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة، إلا أن هنالك بعض الاعتبارات أدت إلى أفراد حماية قانونية خاصة للمرأة كرستها القوانين التونسية، لذلك يتطلب إلقاء الضوء على أوجه الحماية القانونية للمرأة في مجال التشغيل على ما هو واقع تناول حقها في المساواة مع الرجل في أحكام التشغيل (فقرة أولى) بالإضافة إلى أن المرأة تتمتع ببعض الصفات التي توجب عليها القيام ببعض الأعمال وعدم القيام بنوع أخر من الأعمال، مما أوجد نوعا من الاختلاف الطبيعي بينها وبين الرجل، يتطلب إفراد المرأة بتمييز إيجابي في مجال التشغيل (فقرة ثانية).
فقرة أولى: تكريس المساواة بين المرأة والرجل في أحكام التشغيل
تشكل النساء ما يقارب نصف سكان العالم، لهذا السبب تسعى المرأة للحصول على حقوقها الأساسية التي تمكنها في المجتمع، وتجعلها قادرة على إدارة حياتها، والحصول على استقلاليتها وتمتعها بفرص العمل التي يحصل عليها الرجال، ذلك ما يطلق عليه تسمية المساواة بين الرجل والمرأة، ولا يعني هذا المفهوم أن يصبح الجنسين سواء في كل شيء، ولكنه يهدف إلى إزالة العوائق في طريق تحقيق المرأة لذاتها، وإلغاء فكرة التمييز وإعطاء الفرص بناء على الجنس ويمكن تحقيق ذلك من خلال التركيز على تحديد ومعالجة اختلالات توازن القوى بين الجنسين، وتمكين المرأة في عملية صنع القرار سواء على المستوى الخاص أو العام وعدم حصره في يد الرجال. خاصة وأن المساواة بين الرجل والمرأة ومكافحة التمييز في إطار العمل يحقق بيئة عمل أكثر التزاما وتحفيزا. ويخلق نظام للعمل لا يفرق بين المرأة والرجل في الحقوق والواجبات.
وخلال العقدين الماضيين، واصل المشرع التونسي العمل على ضمان المساواة بين الجنسين في مجال التشغيل والسعي إلى القضاء على أشكال التمييز ضد المرأة، حيث تم إدخال العديد من التعديلات على المنظومة القانونية التي لها علاقة بحقوق المرأة. وقد تواصل التزام الدولة ما بعد ثورة 14 جانفي 2011 بتعزيز حقوق المرأة في العمل كجزاء لا يتجزأ من حقوق الإنسان ضمن دستور الجمهورية الثانية المصادق عليه في جانفي 2014 والذي تضمن مؤشرات إيجابية في مجال الدفاع عن حقوق المرأة. وقد كرس هذا الدستور مبدأ المساواة ومكافحة التمييز بين الجنسين في فصوله 21 و46 الذين وردا في باب الحقوق والحريات، ففي الفصل 46 منه “الدولة تلزم بحماية الحقوق المكتسبة للمرأة، وتعمل على دعمها وتطويرها”، فيما نص الفصل 21 منه ما يلي “المواطنون، والمواطنات متساوون في الحقوق، والواجبات، وهم سواء أمام القانون من غير تمييز“. ويتكاملا الفصلان في تعاطيهما مع حقوق المرأة حيث أكد الفصل 46 على التمسك بمكتسبات دولة الحداثة فيما يتعلق بحقوق المرأة وعلى وجود عدم الاكتفاء بها، والسعي نحو تدعيمها، فيما أرسى الفصل 21 صراحة مبدأ المساواة بين الجنسين في الحقوق والحريات بما يؤكد مباشرة تطوير منظومة حقوق المرأة.
في سنة 2014 تمت المصادقة أيضا على القانون الانتخابي وهو القانون الأساسي عدد 16 لسنة 2014 والذي وقع تنقيحه لاحقا في فيفري 2017، ويكرس هذا القانون بدوره المساواة بين الجنسين من خلال مبدأ التناصف في القائمات الانتخابية. وينص هذا القانون على التناصف العمودي بين الجنسين في القائمات الانتخابية للأحزاب في الانتخابات البلدية وفق تعديل عام 2017. ويهدف هذا التعديل لإشراك المزيد من النساء في مراكز القرار وتمكينهن من المشاركة الفعلية في إدارة الشأن العام للبلاد.
وللإشارة فإن مبدأ التناصف العمودي، يعني التناوب بين الرجال والنساء في المراتب ضمن كل قائمة انتخابية. أما على مستوى اختيار رؤساء القائمات، فإنه لا يفرض شروطا. أما التناصف الأفقي فيأتي في مرحلة ما بعد الانتخاب عند توزيع المهام ويكون على مستوى رئاسة اللجان ورئاسة المصالح وغيرها. إذن يمكن القول إن القانون الانتخابي يعتبر ترجمة لمبادئ الدستور الذي يكرس مبدأ المساواة بين المرأة والرجل.
إذن تكمن أهمية تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة في بيئة العمل، في إقامة مجتمعات سليمة وتحقيق مبدأ المشاركة بشكل كامل بين الجنسين كشركاء متساويين، وحماية حقوق الإنسان من وراء ذلك إضافة إلى تحقيق العدالة والديمقراطية، واحترام سيادة القانون والمساهمة في النمو الاقتصادي. وقد كان مفهوم المساواة بين الرجل والمرأة في العمل أمرا يسعى المجلس الأوروبي لتحقيقه على مدى عقود، مما أدى إلى تطور شامل في الإطارين القانوني والسياسي لعدة دول حول العالم بإقرار المساواة أمام فرص العمل وتجريم الميز وضمان حق المرأة في العمل في بيئة عادلة ومعاملتها سواسية مع الرجل سواء في ممارسة العمل أو في استحقاق الأجر[9]“.
لقد توخى المشرع التونسي منهجا يرمي إلى المساواة بين الجنسين في جميع الميادين وبصفة خاصة في ميدان العمل، فأشار إلى أنه لا يمكن التمييز بين الرجل والمرأة في تطبيق أحكام مجلة الشغل والنصوص التطبيقية لها[10]. فهو يرمي من وراء ذلك إلى تشجيع على تكافؤ الفرص في المعاملة في الاستخدام والمهنة والقضاء على أي تمييز في هذا المجال. من جهته أكد أيضا المشرع الفرنسي على حق المرأة في التشغيل والانتداب من جهة وحقها في الأجر من جهة أخرى، وهذا ما بلوره الفصل 140 من مجلة الشغل الفرنسية بفقرته الثانية[11]. كما أن مخالفة النصوص المتعلقة بمبدأ المساواة تعرض مخالفها لخطايا ماليا، وحتى للعقاب بالسجن[12].
لقد أقر قانون الوظيفة العمومية لسنة 1983[13]، مبدأ المساواة بين الجنسين عندما أقر بدوره أن الالتحاق بالوظائف العمومية[14]أصبح يخضع لمبدأ المساواة، ومنع كل شكل من أشكال التمييز بين المترشحين، وإلغاء أي تمييز يعود سببه إلى الجنس، وذلك بتفعيل دور المرأة داخل المجتمع في مجال تقليد الوظائف العمومية[15]. ويعد مبدأ المساواة في التوظيف الإطار الذي يحكم نظام الوظيفة العمومية و“حجر الزاوية في كل تنظيم للحقوق، والحريات العامة، فهو من الديمقراطية بمثابة الروح من الجسد بغيره ينتفي معنى الديمقراطية وينهار كل مدلول للحرية“[16]. بذلك يعتبر مبدأ المساواة بين الجنسين في تولي الوظائف العمومية أحد أهم التطبيقات الجوهرية لمبدأ المساواة العام، ويمثل جزء من حقوق الإنسان[17].
إذن نرى أن مبدأ المساواة طبق لما جاء به القانون 1983، يعتبر ذا قيمة إذ يمكن النساء من لعب دور أساسي كعاملات اقتصاديات قادرات على تحويل المجتمعات والاقتصاديات. وليست المساواة في الوظائف العمومية بين الجنسين قيمة جوهرية، وحقا في حد ذاتها فحسب، بل هي مفيدة في تحقيق النمو الاقتصادي، والحد من الفقر. فتمكين المرأة اقتصاديا، وثقافيا وتحرير طاقتها الاجتماعية، والاقتصادية كقوة دافعة إلى التنمية يحقق نمو شامل عبر مشاركتها للرجل كضمان لتماسك المجتمع ضد أي مخاطر قد تواجهه.
ونظر لأهمية موضوع مبدأ المساواة بين الجنسين في العمل، فقد كرسته الاتفاقية الدولية رقم 111 لسنة 1958 بشأن حظر التمييز في الاستخدام والمهنة من الاتفاقيات الأساسية الصادرة عن منظمة العمل الدولية لمواجهة التمييز بين المرأة والرجل في مجالات الاستخدام والمهنة، وتعد هذه الاتفاقية أكثر من مجرد وثيقة تكرس الإطار العام لتكافؤ الفرص، كما قررت المادة الثانية من الاتفاقية المذكورة إلزام الدول الأعضاء بصياغة وتطبيق سياسة وطنية ترمي إلى تشجيع تكافؤ الفرص في المعاملات في الاستخدام والمهنة والقضاء علي أي تمييز في هذا المجال، كما نصت المادة الثالثة من ذات الاتفاقية على الزام الدول بكفالة المساواة وعدم التمييز وأنشطة التوجه المهني والتدريب وخدمات التوظيف[18]. وبالمثل أكدت أحكام الفصل الثالث لكل من العهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية، والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لعام 1966، على حق المرأة في التمتع على قدم المساواة مع الرجال بمختلف الحقوق الواردة فيهما. ومما هو جدير بالذكر، أن الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أصدرت مجموعة من الإعلانات والتوصيات ذات الصلة، يأتي في مقدمتها إعلان القضاء على التمييز ضد المرأة لعام 1967.
إلى جانبها كرست الاتفاقية العربية رقم 1 لسنة 1966 بشأن مستويات العمل، والاتفاقية العربية رقم 6 لسنة 1976 بشأن مستويات العمل “معدلة“ مبدأ تكافؤ الفرص والمساواة في التشغيل بين المرأة والرجل، حيث قررت أن تكون الحماية التي تقررها معايير العمل واحدة ولا تنطوي على أية تفرقة بين العمال، كالتفرقة بسبب الجنس، ذلك فإن الاتفاقية العربية رقم 5 لسنة 1976 بشأن المرأة العاملة جاءت أكثر تفضيلا في بيان الأصل العام بشأن المساواة بين المرأة والرجل في مجال التشغيل والاستخدام[19].
فقرة ثانية: تكريس التمييز الإيجابي للمرأة
دخل التمييز الإيجابي في النظام القانوني التونسي من خلال الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها تونس كالميثاق العربي لحقوق الإنسان لسنة2004، وهو القانون الذي أعطى فرصة مباشرة للمجلس الدستوري كي يبين مدلول التمييز الإيجابي وأحكامه، وقد اعتبر المجلس الدستوري بخصوص مشروع قانون المصادقة على الميثاق العربي المذكور لتأمين المساواة الفعلية بين المرأة والرجل في إطار التمييز الإيجابي لصالح المرأة. طالما أن هذا التمييز الإيجابي لا ينال من الحقوق الأساسية التي يضمنها المشرع والقوانين. وكان خاضعا لهدف وحيد وهو تحقيق المساواة وتكافؤ الفرص بين الجنسين ومتسما بالتناسب بين مضمون التشريعات المشار إليها والهدف المذكور. ولكن هل أن التمييز الإيجابي لصالح المرأة في مجال العمل هو خرق لمبدأ المساواة أم ضمان لتحقيقه؟[20].
صحيح أن القوانين التونسية قد كرست مبدأ المساواة بين المرأة والرجل في مجال العمل، ألا أن هنالك بعض الاعتبارات أدت إلى تكريس حماية قانونية خاصة للمرأة العاملة، من خلال تكريس التمييز الإيجابي لصالحها[21] في بعض المهن والصناعات التي تتناسب مع طبيعتها، بالإضافة إلى تعزيز بعض الإجازات والعطل الخاصة بالمرأة. ومورد ذلك أنه توجد بعض الحقوق الخاصة اللصيقة بالمرأة كونها أنثى تحمل وتنجب وتربي أولادها، فضلا عن تحملها بعض الأعباء العائلية التي لا يمكن أن يقوم بها الرجل[22].
يظهر التمييز الإيجابي للمرأة من خلال منع القانون التونسي تشغيل النساء خاصة إذا كان العمل تحت الأرض في المناجم والمقاطع[23] مهما كان سنها إذا ميزها إيجاب عن الرجل، وذلك لضعف قدراتها البدنية وحماية لصحتها بما أن هذه الأعمال عادة ما توصف بأنها أعمال شاقة وخطرة. كما صدرت الاتفاقية رقم 45 لسنة 1953 بشأن منع استخدام المرأة للعمل تحت سطح الأرض في المناجم بمختلف أنواعها، وكذلك ما تضمنته التوصية رقم 95 لسنة 1952 من قواعد بشأن حماية الأمومة ومنها تحريم اشتغال الحامل أو التي ترضع طفلها في الأعمال التي تعتبرها السلطات المختصة خطرا على صحتها أو صحة طفلها، ويستمر هذا التحريم والمنع أثناء الحمل ولمدة ثلاث أشهر بعد الولادة وتمتد بعد ذلك إذا كانت المرأة ترضع طفلها. وقد حددت هذه التوصية مجموعة من الأعمال المحظورة على المرأة العمل فيها منها على سبيل المثال لا الحصر، “أي عمل شاق أو الأعمال التي يتطلب إنجازها حفظ التوازن بصفة خاصة، والعمل بالألات التي تتولد منها اهتزازات“.
كما نصت التوصية المذكورة على أنه يجب تعزيز حق المرأة في الانتقال من العمل الذي يتضمن خطرا على صحتها إلى عمل غير خطر دون الانتقاص من أجرها. وفضلا عن الأعمال المحظور تشغيل النساء فيها التي وردت في الاتفاقية الدولية رقم 42 لسنة 1934 والاتفاقية الدولية رقم 45 لسنة 1935 فقد صدرت التوصية الدولية رقم 44 لسنة 1971 بشأن الوقاية من مخاطر التسمم الناجم من البنزين. التي تنص على عدم جواز استخدام النساء اللاتي ثبت طبيا أنهن حوامل والأمهات المرضعات في أعمال تنطوي على تعرضهن للبنزين أو لمنتجات تحتوي على بنزين. يبدو أن التمييز الإيجابي للمرأة في مجال العمل هو آلية بهدف سد الفجوة بين الجنسين من حيث التمتع بالحرية والحقوق المدنية. إذ لا يعد التمييز أمرا غير مشروع دائما، فإذا كان يستند إلى مبررات معينة قد يكون مشروعا أو مقبولا، ولا يدخل بالنتيجة في عداد مبدأ تجريم التمييز. مم يثبت أن مبدأ المساواة نسبي ويسمح من باب أولى بأعطاء مشروعية للتمييز الإيجابي باعتباره يجمع بين التبرير والهدف معا.
برز اهتمام المشرع التونسي بالمرأة أكثر من خلال المحافظة على قواعد التشغيل التي تحميها رغم تتالي التنقيحات الواردة علي مجلة الشغل، وبطبيعة الحال أكدت القوانين على تحجير عمل المرأة بالمؤسسات وأقسام المؤسسات أو الحضائر التي تجري فيها عمليات استرجاع المعادن القديمة أو إيداعها أو تحويلها[24]، ومنذ التنقيح الأخير لمجلة الشغل أصبح يمنع تشغيلهم في العمل بالمناجم والمقاطع أيضا[25] لكن هذه المجلة ميزت إيجابيا المرأة عن الرجل[26] في أحكام أخرى، عندما حجرت بالفصل77[27] تكليفها بأعمال شاقة عند تحديد بنود العمل كاستخدامها بغرض استخراج مواد من باطن الأرض في المناجم والمقاطع ويأتي ذلك إيمانا من المشرع بعدم توفر القدرة البدنية لها للقيام بهذه الأشغال.
وبالتالي هنا يكون التمييز له مبرره، خاصة وأنه من الثابت أن المساواة هي مساواة أصناف وليست مساواة مطلقة إذ من الظلم أن يعامل أشخاص مختلفون بطريقة واحدة(النساء)، فثمت حال كثيرة جدا يمكن إدراجها تحت التمييز المشروع المستند إلى أهداف معقولة وموضوعية، فلا يخل بمبدأ تحريم التمييز وحسب المادة 1:2-من اتفاقية التمييز (في مجال الاستخدام والمهنة) الاتفاقية (رقم 111) مثلا “لا يعتبر تمييزا أي ميز أو استثناء أو تفصيل بصدد عمل معين إذا كان مبنيا على أساس المؤهلات التي تقتضيها طبيعة هذا العمل“. إذن أن المساس بمبدأ المساواة هو تحقيق المصلحة العامة بمعنى أنه عندما يريد المشرع خرق مبدأ المساواة، بناء على مجموعة من الشروط، يكون التمييز مبرر ومباح.
يقسم القانون التونسي الأعمال فوق سطح الأرض إلى أنشطة فلاحية وغير فلاحية وربط إمكانية تشغيل النساء بالأعمال الفلاحية الخطرة التي يمكن أن تلحق بها ضررا بالحصول على ترخيص خاص[28]. أما بالنسبة للأنشطة غير الفلاحية فقد منع المشرع عمل النساء في المؤسسات والمصانع والمخازن وحظائر العمل التي تجري بها عمليات استرجاع أو تحويل أو إيداع المعادن القديمة[29] التي ينشأ عنها خطر أو ضرار على صحة المرأة في حين وبالرغم من المصادقة علي الاتفاقية الدولية رقم 13 المتعلقة باستخدام الرصاص الأبيض في صناعة الدهن[30]، فإنه لا يوجد نص قانوني يحجر على غرار هذه الاتفاقية تشغيل النساء للعمل في أعمال الدهن الصناعي التي يقع فيها استعمال الرصاص الأبيض وربط بقرارات تصدر عن الوزارات المعنية تتضمن شروط معينة للترخيص لها بالعمل في الأشغال الفلاحية التي يمكن أن تنجر عنها أخطار خاصة كسقوط بدني أو أمراض[31]. وفي نفس الصدد ومواكبة للتشريع الدولي منع القانون التونسي التعاقد مع النساء للعمل ليلا، والليل وفقا للمادة 2 من الاتفاقية الدولية للعمل رقم 4 المتعلقة بتشغيل النساء أثناء الليل هي: “المدة الزمنية التي تحتوي على 12 ساعة متتالية على الأقل تدخل فيها الفترة ما بين الساعة العاشرة مساء والساعة الخامسة صباحا من اليوم الموالي“[32]. وطبقا لهذه الاتفاقية الدولية ولمثيلتها رقم 89 المتعلقة بعمل النساء في الصناعة ليلا[33] لا يجوز تشغيل النساء للعمل مهما كانت أعمارهن بالليل في المؤسسات الصناعية باستثناء أفراد أسرة صاحب العمل.
يظهر أن التمييز أساسه تحسين وضع المرأة، وفرض مسواتها الفعلية أو الموضوعية بالرجل وإحداث التغييرات الهيكلية والاجتماعية والثقافية الضرورية لتصحيح الأشكال والآثار الماضية والراهنة للتمييز ضدها. نتيجة لمعاملة المرأة والرجل بشكل غير متطابق بسبب الفوارق البيولوجية بينهما وهذه التدابير هي ذات طابع دائم. وهذا ما يفسر عدم إشارة المجلس الدستوري التونسي إلى مسألة التمييز الإيجابي عند نظره في مشاريع قوانين تقر حقوقا دائمة لفائدة المرأة، عندما تكون هذه الحقوق مرتبطة بالتكوين البيولوجي أو على الأقل بصفة مستمدة منه مثل صفة الأم أو الحاضنة.
لم يكتفي المشرع التونسي بذلك، بل أضاف حماية للنساء من الطرد قبل وبعد الولادة، إذ مكن المرأة الحامل من مغادرة عملها بدون أجل مسبق، وفي هذه الحالة لا يمكن أن يقطع المؤجر عقد شغلها أو أن يطالبها بدفع غرامة قطع العمل بل يجب عليه اعتبار مدة تغيبها بمثابة عمل فعلي لتقدير الإجازة السنوية خالصة الأجر[34]، وتبدو أهمية هذه الإجازة في أنها تحظر على صاحب العمل فصل العاملة تحت أي ظرف من الظروف حتى ولو كان ظرفا استثنائيا. وتأكدت هذه الحماية بصورة جلية في الاتفاقية الدولية رقم 183 لسنة 2000 بشأن حماية الأمومة، والتي نصت على أن القانون يحرم صاحب العمل من أن ينهي استخدام أي أمرأه أثناء حملها أو أثناء تغيبها في إجازة الوضع أو خلال فترة تعقب عودتها إلى العمل، ويستثنى من ذلك الحالات التي لا تمت للحمل أو للولادة ومضاعفاتها أو الإرضاع، ويقع على صاحب العمل عبء إثبات أن الفصل لا يرجع إلى هذه الحالات[35].
أما خارج موطن العمل، فإنه للمرأة العاملة عند الولادة، الحق في التمتع بإجازة الولادة في جميع المؤسسات على مختلف أنواعها باستثناء تلك التي تشغل أفراد العائلة الواحدة تكون مدتها 30 يوما قابلة للتمديد بما قدره في كل مرة 15 يوما. وتعد إجازة الوضع إحدى صور الحماية القانونية التي وفرتها قوانين العمل للمرأة العاملة اتفاقا مع طبيعة دورها في المجتمع وما يمليه هذا الدور من ضرورة التوفيق بين أسرتها وعملها مقارنة بالرجل. فإجازة الوضع ترمي إلى حماية صحة المرأة العاملة وصحة طفلها أثناء الفترة المحيطة بالولادة سواء تلك التي تسبق الولادة أو بعدها[36].
كما تتمتع المرأة المرضعة لطفلها بإجازة طيلة سنة كاملة وابتداء من يوم الولادة في راحتين للرضاعة في اليوم كل منهما ذات نصف ساعة أثناء ساعات العمل تأخذها الأم بالاتفاق مع صاحب العمل[37]. أما بالنسبة للإجازة الولادة بالمؤسسات والمنشآت العمومية، فإن الفصل 43 من النظام الأساسي لأعوان المنشآت العمومية الصادر بمقتضى القانون عدد 78 لسنة 1985 المؤرخ في 5 أوت 1985 ينص على حق المرأة العاملة في التمتع بهذه الإجازة، بعد الاستظهار بشهادة طبية، بعطلة تكون مدتها كما يلي: عطلة بشهرين مع استحقاق كامل المرتب. وعطلة ثانية لا تتجاوز أربعة أشهر مع استحقاق نصف المرتب وذلك في نهاية العطلة الأولى أي الشهرين. وتشفع هذه العطلة بساعتين استراحة في اليوم ولمدة شهرين أو ساعة واحدة يوميا لمدة 4 أشهر. وفي صورة عدم انتفاعها بعطلة أمومة تتمتع المرأة العاملة بساعتين استراحة للرضاعة في اليوم ولمدة 6 أشهر ابتداء من تاريخ عطلة الولادة أو ساعة واحدة في اليوم لمدة 12 شهرا وتعتبر هذه الراحات ساعات عمل فعلية تخول للمرأة المعنية الحق في الأجر وفي الإجازات القانونية[38]. إذن ما يمكن فهمه أن المشرع ميز إيجاب المرأة عن الرجل في مجال العمل.
ومن الجدير القول إن مبدأ المساواة بين الجنسين في مجال العمل، قد استطاع تكسير عنصر التّمييز والتّفرقة. فإنّ الأمر يبقى موضع تقصّ وبحث في حقيقة هذه المساواة بين الرجل والمرأة على مستوى الواقع العملي، إذا يوجد في جميع أوجه النشاط تقريبا عدة فئات اجتماعية تتعرض لأوجه عدم المساواة في القانون والواقع. وهذا الوضع يسببه ويزيد من حدته وجود تمييز في العمل. فبسبب القوانين والتقاليد حرمت عديد الفئات من حق الحصول على مكانة قانونية واجتماعية مستقلة استنادا لقيم بالية تقليدية تدعم التمييز ضد المرأة. ورغم قدم الحديث عن المساواة، فثمة هوة سحيقة تفصل ما بين نظريات المساواة والعدالة الاجتماعية وبين تحقيقها على أرض الواقع.
الفصل الثاني: أوجه قصور الإطار القانوني عن مواكبة الواقع وتطبيقاتها
إن الحديث عن حماية حقوق المرأة في العمل، تواصلا لتحقيق المساواة بينها وبين الرجل، أصبح في الحقيقة أمرا صعبا بعض الشيء. ورغم إقرار القوانين التونسية لهذه الحقوق في العديد من المجالات فإنها ساهمت في تقنين واقع المساواة السلبية في التشغيل بين الجنسين ( أ ) هذا إلى جانب بروز ظاهرة التمييز السلبي، الذي أدئ إلى انعدام المساواة بين المرأة والرجل في مجال العمل وتزايد الفجوة بينهم (ب).
فقرة أولى: المساواة السلبية
قد تكون المساواة سلبية بين المرأة والرجل كما قد تكون بين المرأة والمرأة:
تكون المساواة سلبية بين المرأة والرجل، خاصة من خلال المساواة في عدد ساعات العمل الذي من المفترض أن تكون هنالك معاملة خاصة للمرأة تراعي وضعها الفيزيولوجي والاجتماعي كون المرأة تعاني من الحمل والبيت والأطفال، ولكن قوانين العمل وتوقيت العمل هي قوانين موحدة بين الجنسين لبد من تطبيقها واحترام العمل بها، هنا تكون المساواة بين الجنسين سلبية لأنها لم تراعي وضعية المرأة.
كما قد تكون المساواة سلبية بين المرأة والمرأة، خاصة المرأة الحضرية والمرأة الريفية، فرغم وجود قوانين تحمي جميع النساء وتمنحهم المساواة في العمل، إلا أن هذه المساواة تعتبر سلبية من خلال التمييز في ظروف العمل. خاصة وأن المرأة الريفية تتعرض إلى سوء المعاملة[39]، إلى جانب التخفيض المستمر لأجورها خلافا للقانون الذي يضبط الأجر الأدنى الذي يتلقاه الفلاحون[40]، إذ يبدو نسبة العمل المدفوع الأجر ضعيفة في الوسط الريفي مع حجم معدل الوقت اليومي للأنشطة[41]. تظهر الإحصائيات أن هنالك ما يزيد عن 70 بالمئة من النساء الريفيات يشاغلن بين تسع وثلاث عشرة ساعة يوميا، وهو ما يخالف قوانين العمل “مجلة الشغل” كما توكل المرأة مهام الجني في 64.5 بالمئة من الحالات، وبنسبة 78 بالمئة في مقاومة الأعشاب الضارة والبذور في الضيعات الخاصة وتصنف هذه الأعمال ضمن خانة الأعمال الشاقة[42]. ونتيجة لذلك تعتبر النساء الريفيات في تونس الفئة الأكثر تضررا في المجتمع التونسي لعدم سن المشرع قوانين خاصة بهم تحميهم، فهن يعملن بشكل رئيسي كمعينات بدون أجر في الفلاحة الأسرية، أو كعاملات موسميات بأجور متدنية وفي إطار غير مهيكل، ودون تغطية ضمان اجتماعي. حيث تظهر الإحصائيات أن 33.3 بالمئة من النساء الريفيات فقط منخرطات في منظومة الضمان الاجتماعي[43]. وهذه النسبة ضئيلة جد مقارنة بعدد الريفيات العاملات في القطاع الفلاحي الذي يعتبر أحد ركائز الاقتصاد التونسي، حيث يمثل 9 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي ويوفر 16 بالمئة من فرص الشغل، وهو يقوم بدرجة أولى على قوة العمل النسائية. حيث يستوعب حوالي نصف مليون امرأة، أي ما يقدر بحوالي 43 بالمئة من النساء الناشطات في الوسط الريفي من بينهن 32.5 بالمئة أجيرات في إطار العمل غير مهكل داخل المقاطع الفلاحية والمزارع الكبر[44]. خاصة وأن وضعية المرأة الريفية في تونس تتعارض مع ما جاء به الفصل 40 من الدستور[45] والذي يؤكد على أنه لكل فرد الحق في العمل في ظروف لائقة وبأجر عادل والذي لا يظهر تطبيقه على مستوى الواقع.
على خلاف هذا تتمتع المرأة الحضرية بظروف عمل أفضل وأجور عالية مع امتيازات عمل وتغطية اجتماعية، خاصة وأن البلاد التونسية قد صادقت على اتفاقية مناهضة جميع أشكال التمييز ضد المرأة سنة 1985، والتي جاء بالمادة 14 من الاتفاقية على منع جميع أشكال التمييز ضد المرأة الريفية[46]. وبطبيعة الحال تعتبر هذه المساواة سلبية بين نفس الجنس لما تعاني منه المرأة بالريف من سوى المعاملة وظروف العمل القاسية، مع خطورة وسائل المواصلات التي تنقلهن إلى المزارع حيث ساهم معيش المرأة الريفية الغارق في التهميش وانعدام القوانين في تدني ظروف عيشها، والذي ظهر بشكل واضح على الحياة الاجتماعية بسبب حوادث الموت الجماعي التي تتعرض لها النساء العاملات في المقاطع الريفية. فهن يجتزن مسافات طويلة تصل إلى 20 كلم، للوصول إلى موقع العمل بشاحنات أو جرارات فلاحية تنقلهن لمقر أعمالهن دون حماية من حوادث الطريق الوعرة التي تسلكها تلك الشاحنات. فبرغم من تنقيح القانون عدد 33 لسنة 2004 المؤرخ في 19 أفريل 2004 المتعلق بتنظيم النقل البري وإصدار قانون عدد 51 لسنة 2019 مؤرخ في 11 جوان 2019 يتعلق بإحداث صنف “نقل العملة الفلاحين“. فأن هذا القانون ظل حبر علي ورق، ولقد بينت الإحصائيات أن 10.3 بالمئة من العاملات في الأرياف هن ضحايا حوادث الشغل[47]، و18 بالمئة يعملن في ظروف عمل صعبة جدا[48]. وتفيد بيانات صادرة عن اللجنة الوطنية للمرأة العاملة بالاتحاد العام التونسي للشغل أن عدد النساء اللواتي يترأسن الشركات والإدارات العمومية والخاصة قد فاق …10 امرأة، كما يمثلن 49 بالمئة من الوظائف المتوسطة والتقنية في القطاع العام. ولا تحجب المؤشرات الإيجابية، الاضطهاد وانتهاك الحقوق الاقتصادية للنساء العاملات في بعض القطاعات على غرار الزراعة والصناعة، حيث ما تزال المرأة ترزخ تحت وطأة التمييز الممنهج، إذا ما يزال أجرها نصف أجر الرجل، كما تفيد تقارير صادرة عن الاتحاد العام التونسي للشغل بأن 64.5 بالمئة من الريفيات يعملن بالقطاع الزراعي دون عقود عمل أو تغطية اجتماعية[49]، ويعملن في ظل ظروف تتعارض مع قوانين العمل من حيث عدد الساعات، والأجر الزهيد. هنا تكون المساواة سلبية خاصة أمام عدم سن المشرع قوانين خاصة بالمرأة الريفية لحمايتها في مثل هذه الأوضاع الصعبة.
ونظر لغياب استراتيجية واضحة لإخراجها من دائرة التهميش واستغلال أصحاب الأراضي الفلاحية لها (المرأة الريفية) فهي تدخل في دائرة الفقر الذي تتعدد مستوياته عندما يتعلق الأمر بالعاملات الريفيات في تونس اللواتي ليس لديهن قدرة على الحصول على الحاجيات الأساسية التي تتكون من الغداء والملابس والسكن، حيث نجد أن 85 بالمئة من عقود الملكية في الريف تعود للرجال[50]. فعلى الرغم من اشتغال النساء في الممتلكات العائلية، وممارستهن للنشاط الفلاحي إما كأجيرات أو معينات، فإن نحو 60 بالمئة من النساء الريفيات يواجهن الجوع وسوء التغذية وهذا يسبب تأزم لظروفهم العملية. وعليه نشير إلى عدم التكافؤ في الفرص بين الجنسين، فالمرأة التي تشتغل في المؤسسات في قطاع الخدمات بصورة رئيسية تتمتع بحقوق أفضل، لأن قطاع الخدمات يستطيع توفير شروط عمل أفضل من الزراعة وفرص أكبر للمرأة للحصول على ترقية مهنية.
وفي واقع الأمر تعاني النساء الريفيات أيضا من الحرمان من الرعاية الصحية والتعليم، مقارنة بالمرأة الحضرية، خاصة وأن هذا ما يزيد الظروف العملية تأزم حيث سجلت تونس نسبة 25 بالمئة أمية في صفوف النساء الريفيات، كما تعاني النساء الريفيات من الحرمان الاجتماعي، والذي يندرج ضمن أبعاد الفقر التي قد تطال الفئات الاجتماعية، حيث نجد أن 73.5 بالمئة من العاملات في هذا القطاع غير مؤمنات ضد الأخطار المهنية. هذا إضافة لغياب الإطار القانوني الذي يقنن العمل الفلاحي الموسمي باعتبار أن المرجع الوحيد هو قانون الشغل التونسي الذي يحدد فقط طبيعة العقد (لمدة محددة أو غير محددة) وبالتالي لا يتكيف مع طبيعة العمل الموسمي، وهذا ما يزيد من هشاشة وضعهن ويعرضهن أكثر للاستغلال الاقتصادي[51].
فقرة ثانية: التمييز السلبي
ينتشر التمييز السلبي ضد المرأة في العمل على نطاق واسع في العديد من دول العالم، مع وجود اختلاف في الأسباب المؤدية له والعواقب الناتجة عنه بين هذه الدول، ولكن الظاهرة تستمر بشكل عام نتيجة بقاء القوالب النمطية، والممارسات والمعتقدات الثقافية التقليدية التي تضر بالمرأة، ويعرف التمييز ضد المرأة في العمل علي أساس قانون 58 لسنة 2017[52] المؤرخ في 11 أوت 2017 والمتعلق بالقضاء على العنف ضد النساء على أنه: “أي إقصاء، أو تمييز، أو تقييد للمرأة، والذي يقوم على أساس العديد من الجوانب التي تمنعها من الوصول إلى حقوقها، كالجنس والدين واللون، والعرق واللغة، والقدرات والذكاء، والتعليم، والمعرفة والوضع الاجتماعي والاقتصادي والمظهر الجسدي والحالة الصحية وغيرها“. كما يمكن تعريفه على أنه معاملة المرأة بصورة غير ملائمة، مما ينتج عنه عدم حصولها على حقوقها في المناصب والسلطات الاجتماعية الهامة[53]. وهو نفس التعريف الذي تضمنته اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة(سيداو)[54] وتم وضع الاتفاقية وتبنيها للاعتراف بالحقوق الإنسانية للمرأة وحمايتها والحفاظ عليها. وهدفها القضاء على كافة أشكال التمييز والتفرقة التي تمارس ضد المرأة على أساس النوع الاجتماعي. وذلك للسعي إلى تحقيق المساواة بين الجنسين في جميع نواحي الحياة الخاصة والعامة. وتعترف الاتفاقية بأهمية أن تصبح المرأة عاملة ومشاركة ومنتجة في المجتمع وتعكس هذا الإدراك على الأفراد والمؤسسات والحكومات في جميع المناطق[55].
يظهر التمييز السلبي ضد المرأة في بيئة العمل، من خلال العديد من الجوانب إذ تمنع المرأة من المشاركة في سوق العمل بشكل مساوي للرجل أحيانا، وخصوصا في المهن المتعلقة بالثورة والسمعة ويشمل هذا التمييز في بيئة العمل أيضا حصولها على وظيفة أقل أهمية، وراتب أقل قيمة لنفس الوظيفة مقارنة بالرجل، بالرغم من امتلاكهم نفس الدرجات الأكاديمية، مما ينعكس بشكل مباشر على دخل المرأة، ومقدار السلطة التي تتحلى بها[56]. كما يعد تأثر المرأة بشكل أكبر من الرجل بالبطالة من المظاهر الأخرى للتمييز ضدها وهو تمييز سلبي بالإضافة إلى اختيارها لملء الشواغر في الوظائف التي تعتمد على الدوام الجزئي، مما يساهم في استبعاد المرأة من الفرص الوظيفية المهمة، خاصة وأن البلاد التونسية قد صادقت على برتوكول (مايوتو)2018 الذي يكفل الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية للمرأة ويعزز المساواة بين الجنسين[57].
وفي نفس الصدد يظهر التمييز السلبي من خلال انعدام المساواة في التغطية الاجتماعية والشيخوخة، إذا تعتبر الفجوة في تغطية الحماية الاجتماعية بين الرجل والمرأة أحد أهم تمييز سلبي بين الجنسين في العمل، وتشمل الفجوة في التوظيف ونوعية العمل ومستويات أدنى من العمالة الرسمية المدفوعة الأجر أو الراتب، وساعات اقل وسنوات أقل من العمل المضمون للنساء. وكنتيجة للفجوات بين المرأة والرجل في العمل تكون التغطية (القانونية والفعلية) المؤمنة للنساء بواسطة سياسات حماية اجتماعية إلزامية ومحسوبة في المعاش التقاعدي أقل مما هي عليه بالنسبة للرجال (منظمة العمل الدولية 2018) على مستوى العالمي تسجل نسبة النساء فوق سن التقاعد اللواتي يتقاضين معاش تقاعدي أقل من الرجال[58].
ويلاحظ أن عدم تكافؤا الفرص بين الجنسين مثال بناء على الإحصائيات، فإنه هنالك تمييز سلبي إذ تكون مجالات أنشطة الخدمات والزراعة هي أكثر المجالات التي تشغلها المرأة في سوق العمل، مما يعني ذلك، انحصار عملها في المهن التقليدية في الأغلب، كما أنه في مجال التدريب في مكان العمل فإن أغلب فرص التدريب والتطوير في المؤسسات يفوز بها الرجال، ويدخل مفهوم صعوبة سفر المرأة خارج البلاد حائلا دون مشاركتها في الدورات التدريبية الخارجية، وأخذ الموافقة من الزوج أو العائلة في الحسبان عند حرمانها من فرص التدريب في مكان العمل، مما تعكس هذه المفاهيم تأثيرا سلبيا في قدرات المرأة، وإمكانية التطوير والارتقاء في العمل. وعلاوة على ذلك فإن عدم المساواة في الأجر مع الرجل تعد أهم المشاكل التي تعاني منها المرأة التونسية، وأيضا تخطي البعض في الترقيات للمناصب الأعلى بغض النظر عن الكفاءة.
ومن الجدير بالملاحظة أيضا أنه، لا يوجد نصوص قانونية تمنع الانتداب في العمل على أساس الجنس، كما لا يوجد قانون يجرم منع التمييز في عروض الشغل حسب الشكل أو اللون أو المظهر الخارجي، رغم وجود قانون للقضاء على التمييز العنصري أكتوبر 2018[59]، والذي يعتبر غير ذا جدوى. مقارنة بالقانون الفرنسي الذي جرم ذلك، فأحيان هنالك عروض شغل تشترط مقومات في المرأة المطلوبة للعمل، كالجمال والجسد أو تشترط أن تكون المرأة عزباء، وهو ما يشكل تمييز غير مبرر يجب على المشرع التونسي سن قانون يجرم هذه الظاهرة.
وبما لا يدع مجالا للشك، فإنه من واجب المشرع التونسي ضرورة القضاء على التمييز ضد المرأة في ميدان العمل وتجريمه، وأن يكفل لها نفس الحقوق في العمل، ولاسيما الحق في الترقية والمساواة في الأجر، والضمان الاجتماعي وخاصة في حالات التقاعد والبطالة والمرض والعجز والشيخوخة والحق في الإجازة مدفوعة الأجر. كما لبد من وضع نصوص قانونية تشدد على ضرورة ضمان الحق في الوقاية الصحية وسلامة ظروف العمل.
المراجع
المراجع باللغة العربية: /I
* الكتب:
1) محمود سلامة، الوسيط في عقد العمل الفردي، الجزء الأول، الطبعة الأولى، 1999، ص. 585 وما بعدها.
2) صلاح محمد دياب، شرح أحكام قانون العمل والتأمينات الاجتماعية، الطبعة الأولى، منشورات دامعة البحرين المنامة 2013 ص. 128.
3) محمود سلامة، الوسيط في عقد العمل الفردي، مرجع سابق، ص. 644 وما بعدها.
4) عبادة المحجوبي، الجوانب القانونية والتطبيقية في عقد الشغل، المغاربية لطباعة وإشهار الكتاب، تونس 2016، ص. 161.
5) عبد اللطيف خالقي، الوسيط في مدونة الشغل، الجزء الأولى علاقات الشغل الفردية، الطبعة الأولى، المطبعة الوطنية مراكش، 2004، ص. 522.
6) دنيا مباركة، قضايا مدونة الشغل بين التشريع والقضاء، سلسلة المعارف القانونية والقضائية، منشورات مجلة الحقوق، مطبعة المعارف الجديدة الرباط، الطبعة الأولى 2016، ص. 79.
7) هالة أحمد الرشيدي، حقوق المرأة في الدستور والتشريعات التونسية والمواثيق الدولية،
8) عبد الباسط عبد المحسن، ورقة عمل حول الحماية القانونية للمرأة في تشريعات العمل العربية دراسة للواقع والمأمول في ضوء معايير العمل الدولية والعربية، المنامة، البحرين 20 و21 نوفمبر 2013، ص. 17.
9) محمد البحري، حرية المؤجر في الانتداب، ص. 102.
10) على خاطر شنطاوي، الوجيز في القانون الإداري، دار وائل للنشر، طبعة أولى، الأردن، 2003، ص. 434.
11) صلاح محمد دياب ومحمد لبيب شنب، شرح قانون العمل، القاهرة 1983، ص. 449.
12) محمد الحبيب الشريف، الرصيد القانوني لحقوق المرأة في تونس، (2مارس 1956/1999 حقوق المرأة في الاسرة مكز البحوث والدراسات والتوثيق والإعلام حول المرأة الكريديف)، ص. 69.
*مقالات وندوات:
13) فاتن مبارك، مقال بعنوان المرأة الريفية في تونس، العمل الغير مهيكل ومعضلة التأنيث 2020.
14) جليلة السيد، التمييز … رؤية قانونية، ورقة مقدمة لندوة “التمييز والامتيازات في البحرين… القانون غير المكتوب“، مركز البحرين لحقوق الانسان، ص. 6. “التمييز الإيجابي أتى لمعالجة الغبن في الحقوق الذي طال المرأة، فقد اعتمد كأسلوب للقضاء على كل أوجه التمييز. انطلاقا من أن التمييز ضد التمييز هو عودة للأصل. أي عدم التمييز وبالتالي تحقيق المساواة“.
15) الفصل 77(فقرة 1) من مجلة الشغل والمنقح بالقانون عدد 62 لسنة 1996 المؤرخ في 15 جويلية 1996 “لا يجوز تشغيل النساء مهما كانت سنهن والأطفال دون الثمانية عشر عاما بأعمال تحت الأرض في المناجم والمقاطع“.
16) الفصل 77 من مجلة الشغل “لا يجوز تشغيل النساء مهما كانت سنهن والأطفال دون الثمانية عشر عاما بأعمال تحت الأرض في المناجم والمقاطع“.
17) الفصل 5 مكرر من مجلة الشغل والمضيف بالقانون عدد 66 لسنة 1993 المؤرخ في 5 جويلية 1993. “لا يمكن التمييز بين الرجل والمرأة في تطبيق أحكام هذه المجلة والنصوص التطبيقية لها“.
18) الفصل 21 من الدستور الجديد لسنة 2014 “المواطنون والمواطنات متساوون في الحقوق والواجبات، أمام القانون من غير تمييز“.
19) الفصل 46 من نفس الدستور “تلتزم الدولة بحماية الحقوق المكتسبة للمرأة وتعمل على دعمها وتطويرها“. بحيث تضمن الدولة تكافؤ الفرص بين الرجل والمرأة في تحمل مختلف المسؤوليات وفي جميع المجالات. و“تتخذ التدابير الكفيلة“ بالقضاء على العنف ضد النساء.
20) الفصل 40 من الدستور الجديد 2014 “لكل مواطن ومواطنة الحق في العمل في ظروف لائقة وبأجر عادل“.
21) الفصل 66 (جديد) من مجلة الشغل والمنقح بالقانون عدد 62 لسنة 1996 المؤرخ في 15 جويلية 199.
22) الفصل 831 من مجلة الالتزامات والعقود “ليس للزوجة أن تؤجر نفسها للخدمة أو للرضاع إلا برضاء زوجها وإلا فله فسخ الإجارة“.
23) الفصل 134-2 من مجلة الشغل والمضيف بالقانون عدد 62 لسنة 1996 المؤرخ في 15 جويلية 1996.
24) الفصل 375 من مجلة الشغل “يمكن أن تقتضي قرارات مشتركة بين كاتبي الدولة للسباب والرياض والشؤون الاجتماعية وللتخطيط والاقتصاد الوطني شروطا خاصة للترخيص للنسوة والأطفال الذين سنهم دون السادسة عشرة عاما في القيام بأشغال فلاحية قد تنجر عنها أخطار خاصة “.
* القوانين والمواثيق والاتفاقيات الدولية:
25) الاتفاقية الدولية عدد 45 الخاصة بتشغيل النساء أثناء الليل والمصادق عليها بالقانون المؤرخ في 25 أفريل 1957 الرائد الرسمي 26 أفريل، 1957.
26) الاتفاقية الدولية رقم 13 المتعلقة باستخدام الرصاص الأبيض في صناعة الدهن.
27) الاتفاقية الدولية رقم 89 المتعلقة بعمل النساء في الصناعة ليلا.
28) المادة 8 من الاتفاقية الدولية رقم 183 لسنة 200/2 بشأن حماية الأمومة “مراجعة”.
29) قانون عدد 112 المؤرخ في 12 ديسمبر 1983 للوظيفة العمومية.
30) صادقت تونس بدون احتراز على هذه الاتفاقية بموجب القانون عدد 12 لسنة 1968 المؤرخ في 2 جويلية 1968.
31) قرار تعقيبي مدني عدد 13911 مؤرخ في 26 جانفي 1987 “أن وقف العمل من طرف المرأة العاملة طيلة المدة التي تسبق الولادة وتليها لا يمكن أن يكون موجبا لقطع عقد الشغل من قبل المؤجر وإلا فيحق للمرأة أن تطلب بغرم الضرر ويتعين على هذه الأخيرة أن تعلم المؤجر بسبب تغيبها“.
32) من الملاحظ أن الدولة التونسية الحديثة رغم إقرارها لحقوق النساء في العديد من المجالات فإنها ساهمت في تقنين واقع اللامساواة في الأجر الأدنى الفلاحي بين الجنسيين طيلة عقود، ولم يقع تنقيح هذا القانون إلا من خلال أمر صدر سنة 2012.
33) صادقت البلاد التونسية على اتفاقية مناهضة جميع أشكال التمييز ضد المرأة التي صادقت عليها تونس سنة 1985 بإعلان عام وتحفظات تم سحبها في سنة 2011 وتؤكد المادة 14 من الاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة الريفية.
34) اعترفت الاتفاقية بكافة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية وليس بجزء منها الحقوق السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية منها التعليم، العمل، المشاركة السياسية والمسؤولية المتساوية.
35) صادقت تونس سنة 2018 على بروتوكول الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب بشأن حقوق المرأة في إفريقيا “بروتوكول مايوتو“ الذي يكفل الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية للمرأة وتعزيز المساواة بين الجنسين.
36) تم إصدار أول قانون للقضاء على التمييز العنصري في تونس، أكتوبر 2018.
37) تقرير اليونسكو تونس 2015.
38) قانون أساسي عدد 58 بسنة 2017 مؤرخ في 11 أوت 2017 يتعلق بالقضاء على العنف ضد النساء. الأعمال 1التحضيرية، مداولة مجلس نواب الشعب ومصادقته بجلسته المنعقدة بتاريخ 26 جويلية 2017 ونشر بالرائد الرسمي في 15 أوت 2017.
*المراجع الالكترونية:
39) محمود داود يعقوب، مقال بعنوان مشروعية التمييز.
http://maitremahmoudyacoub.blogspot.com
41) إحصائيات وزارة المرأة والأسرة أب / أغسطس 2016.
43) ائتلاف السيداو، جمعية النهوض بالمشاركة المجتمعية.
https://www2. Ohchr.org/English/bodies.google.com
45) صادقت تونس سنة 2018 على بروتوكول الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب بشأن حقوق المرأة في إفريقيا “بروتوكول مايوتو“ الذي يكفل الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية للمرأة وتعزيز المساواة بين الجنسين.
http://www.hrlibrary.umn.edu/arabgoogle.com
47) انظر نص ميثاق الأمم المتحدة على الرابط:
http://www.un.org/ar/charter-united-nations
48) أنظر نص الإعلان العالمي على الرابط
http://www.un.org/ar/sections/issuesdepth/gender-equality/index.html
49) أنسيل دريان، بأول وسانام ناراجي اندرليني، السياسات الدولية الرئيسية والأليات القانونية، حقوق المرأة في سياق السلام والأمن، ص. 4.
http://www.internayional –alert.org/sites/default/library
50) مبارك فاتن، “المرأة الريفية في تونس، حفريات في المعيش“، مؤسسة مؤمنون بلا حدود، 2019.
II/ المراجع باللغة الفرنسية :
1) World Conference on Human Rights 25-6-1993، Discrimination against women: The Convention and The committee، page 1. Edited.
(2Bied charretion (M .–F.), «la réglé / A travail égale, salaire égale » et les conventions et accord collectifs », Dr. ouv., Aout 2007, p. 351 .
3) Souad CHaker,« la femme tunisienne : citoyenne ou sujet » thèse pour le doctorat d’état Tunis 1979 p. 69.
4) Maitre Française là l’Anne: ‘’ droit des femmes ‘’ l’égalité doit être respectée tout au niveau du salaire de base qu’à tous ses accessoires، notamment les primes، le code du travail (article L. 140-3) prévoit également que les catégories et les critères de classification et de promotion professionnelle ainsi que toutes les autres bases de calcul de rémunération soient communs aux travailleurs des deux sexes. Ed., marabout 1991. P.30.
(5http://directif.Webmanagercenter.Com/2013/03/08/Tunisie-emploi-femme-rurale-et-emploi-le-duo-désassorti. بيان لوزارة التكوين المهني والتشغي
[1] ) عبد اللطيف خالقي، الوسيط في مدونة الشغل، الجزء الأولى علاقات الشغل الفردية، الطبعة الأولى، المطبعة الوطنية مراكش، 2004، ص. 522.
[2] ) دنيا مباركة، قضايا مدونة الشغل بين التشريع والقضاء، سلسلة المعارف القانونية والقضائية، منشورات مجلة الحقوق، مطبعة المعارف الجديدة الرباط، الطبعة الأولى 2016، ص. 79.
([3] انظر نص ميثاق الأمم المتحدة على الرابط :
http://www.un.org/ar/charter-united-nations
[4]) أنظر نص الإعلان العالمي على الرابط
http://www.un.org/ar/sections/issuesdepth/gender-equality/index.html
[5]) أنسيل دريان، بأول وسانام ناراجي اندرليني، السياسات الدولية الرئيسية والأليات القانونية، حقوق المرأة في سياق السلام والأمن، ص. 4.
http://www.internayional –alert.org/sites/default/library
[6] ) هالة أحمد الرشيدي، حقوق المرأة في الدستور والتشريعات التونسية والمواثيق الدولية،
[7] ) عبد الباسط عبد المحسن، ورقة عمل حول الحماية القانونية للمرأة في تشريعات العمل العربية دراسة للواقع والمأمول في ضوء معايير العمل الدولية والعربية، المنامة، البحرين 20 و21 نوفمبر 2013، ص. 17.
[8] ) أحمد الرشيدي، حقوق الإنسان، المبادئ العامة، المصادر التصنيفات، أليات الحماية، القاهرة، مكتبة الأدب، 2008، ص. 43/44.
[9](Bied charretion (M.-F.), «la réglé / A travail égale, salaire égale» et les conventions et accord collectifs» Dr. ouv., Aout 2007, p. 351 .
[10]) الفصل 5 مكرر من مجلة الشغل المضيف بالقانون عدد 66 لسنة 1993 المؤرخ في 5 جويلية 1993.
[11])Souad Chaker,« la femme tunisienne : citoyenne ou sujet »thèse pour le doctorat d’état, Tunis 1979 p. 69.
Maitre Française la l’Anne : ‘’droit des femmes‘’ l’égalité doit être respectée tout au niveau du salaire de base qu’à tous ses accessoires, notamment les primes, le code du travail (article L. 140-3) prévoit également que les catégories et les critères de classification et de promotion professionnelle ainsi que toutes les autres bases de calcul de rémunération soient communs aux travailleurs des deux sexes. Ed., marabout 1991. P.30.
[12] (L’employeur peut être condamné au paiement d’un mandat de 10.000F pour chaque travailleur rémunéré dans des conditions illégales en cas de récidive dans le délai d’un an، peine peut être de 20.000F et/ ou une peine d’emprisonnement de un à deux mois.
[13]) قانون عدد 112 المؤرخ في 12 ديسمبر 1983.
[14]) القانون عدد 112 لعام 1983 بضبط النظام الأساسي العام لأعوان الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية ذات الصيغة الإدارية.
[15]) الفصل 48 من مجلة الشغل.
[16]) على خاطر شنطاوي، الوجيز في القانون الإداري، دار وائل للنشر، طبعة أولى، الأردن، 2003 ص. 434.
[17]) يمنح قانون الوظيفة العمومية الموظفات العموميات الحق في المساواة في العمل مع الرجل.
[18] ) محمود سلامة، الوسيط في عقد العمل الفردي، الجزء الأول، الطبعة الأولى، 1999، ص. 585 وما بعدها.
الأمم المتحدة وحقوق الأنسان الذكرى الثلاثون، نيويورك 1978، ص. 151.
صلاح محمد دياب، شح أحكام قانون العمل والتأمينات الاجتماعية، الطبعة الأولى، منشورات دامعة البحرين المنامة 2013 ص. 128.
تجدر الإشارة إلى أن منظمة العمل الدولية قد سبق لها إرساء مبدأ تكافؤ الفرص في المعاملة بين الرجل والمرأة لأول مرة في إعلان فيلادلفيا الذي أعتمد سنة 1944 وأصبح جزء من دستور المنظمة.
[19]) محمود سلامة، الوسيط في عقد العمل الفردي، مرجع سابق، ص. 644 وما بعدها.
[20]) محمود داود يعقوب، مقال بعنوان مشروعية التمييز.
http://www.maitremahmoudyacoub.blogspot.com
[21]) جليلة السيد، التمييز … رؤية قانونية، ورقة مقدمة لندوة “التمييز والامتيازات في البحرين… القانون غير المكتوب“، مركز البحرين لحقوق الانسان، ص. 6.
“التمييز الإيجابي أتى لمعالجة الغبن في الحقوق الذي طال المرأة، فقد اعتمد كأسلوب للقضاء على كل أوجه التمييز. انطلاقا من أن التمييز ضد التمييز هو عودة للأصل. أي عدم التمييز وبالتالي تحقيق المساواة“.
[22]) محمود داود يعقوب، مقال بعنوان مشروعية التمييز، نفس المرجع السابق.
[23]) عبادة المحجوبي، الجوانب القانونية والتطبيقية في عقد الشغل، المغاربية لطباعة وإشهار الكتاب، تونس 2016 ص. 161.
[24]) محمد البحري، حرية المؤجر في الانتداب، ص. 102.
[25]) الفصل 77(فقرة 1) من مجلة الشغل. والمنقح بالقانون عدد 62 لسنة 1996 المؤرخ في 15 جويلية 1996 “لا يجوز تشغيل النساء مهما كانت سنهن والأطفال دون الثمانية عشر عاما بأعمال تحت الأرض في المناجم والمقاطع“.
[26]) عبادة المحجوبي، الجوانب القانونية والتطبيقية في عقد الشغل، مرجع سابق، ص. 180.
لشغل، نفس المرجع السابق، ص. 172/173.
[27]) الفصل 77 من مجلة الشغل “لا يجوز تشغيل النساء مهما كانت سنهن والأطفال دون الثمانية عشر عاما بأعمال تحت الأرض في المناجم والمقاطع“.
[28]) الفصل 375 من مجلة الشغل “يمكن أن تقتضي قرارات مشتركة بين كاتبي الدولة للسباب والرياض والشؤون الاجتماعية وللتخطيط والاقتصاد الوطني شروطا خاصة للترخيص للنسوة والأطفال الذين سنهم دون السادسة عشرة عاما في القيام بأشغال فلاحية قد تنجر عنها أخطار خاصة “.
[29]) الاتفاقية الدولية عدد 45 الخاصة بتشغيل النساء أثناء الليل والمصادق عليها بالقانون المؤرخ في 25 أفريل 1957 الرائد الرسمي 26 أفريل، 1957.
[30]) الاتفاقية الدولية رقم 13 المتعلقة باستخدام الرصاص الأبيض في صناعة الدهن.
[31]) عبادة المحجوبي، الجوانب القانونية والتطبيقية في عقد الشغل، ص. 173.
[32]) الفصل 66 (جديد) من مجلة الشغل والمنقح بالقانون عدد 62 لسنة 1996 المؤرخ في 15 جويلية 199.
تشغيل الأطفال البالغين من العمر أكثر من أربعة عشر عاما ودون الثمانية عشر عاما والنساء ليلا خلال فترة اثنتي عشرة ساعة متوالية على الأقل تشمل الحصة الزمنية ما بين العاشرة ليلا والسادسة صباحا. غير أنه يمكن للوزير المكلف بالشؤون الاجتماعية أن يتخذ قرارا بعد استشارة المنظمات النقابية التي يهمها الأمر، لتعيين حصص زمنية مختلفة يمنع فيها تشغيل الأطفال. أو فروع هذه الصناعات والمؤسسات“.
[33]) الاتفاقية الدولية رقم 89 المتعلقة بعمل النساء في الصناعة ليلا.
[34]) قرار تعقيبي مدني عدد 13911 مؤرخ في 26 جانفي 1987 “أن وقف العمل من طرف المرأة العاملة طيلة المدة التي تسبق الولادة وتليها لا يمكن أن يكون موجبا لقطع عقد الشغل من قبل المؤجر وإلا فيحق للمرأة أن تطلب بغرم الضرر ويتعين على هذه الأخيرة أن تعلم المؤجر بسبب تغيبها“.
[35]) المادة 8 من الاتفاقية الدولية رقم 183 لسنة 200/2 بشأن حماية الأمومة “مراجعة”.
[36]) صلاح محمد دياب ومحمد لبيب شنب، شرح قانون العمل، القاهرة 1983، ص. 449.
[37]) عبادة المحجوبي، نفس المرجع السابق، ص. 177.
[38]) عبادة المحجوبي، نفس المرجع السابق، ص. 178/179.
[40]) من الملاحظ أن الدولة التونسية الحديثة رغم إقرارها لحقوق النساء في العديد من المجالات، فإنها ساهمت في تقنين واقع اللامساواة في الأجر الأدنى الفلاحي بين الجنسيين طيلة عقود، ولم يقع تنقيح هذا القانون إلا من خلال أمر صدر سنة 2012.
[41] ) إحصائيات وزارة المرأة والأسرة أب / أغسطس 2016.
[42]) مبارك فاتن، “المرأة الريفية في تونس، حفريات في المعيش“، مؤسسة مؤمنون بلا حدود، 2019.
[43]) حسب ما أفادت بيه مديرة العلاقات مع المضمومين وهياكل الضمان الاجتماعي بالإدارة العامة للضمان الاجتماعي.
[44]) إحصائيات وزارة المرأة والأسرة أب / أغسطس 2016، مرجع سابق.
[45]) الفصل 40 من الدستور “أنه لكل مواطن ومواطنة الحق في العمل في ظروف لائقة وبأجر عادل“.
[46]) صادقت البلاد التونسية على اتفاقية مناهضة جميع أشكال التمييز ضد المرأة التي صادقت عليها تونس سنة 1985 بإعلان عام وتحفظات تم سحبها في سنة 2011 وتؤكد المادة 14 من الاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة الريفية.
[47]http://directif.Webmanagercenter.Com/2013/03/08/Tunisie-emploi-femme-ruale-et-emploi-le-duo-désassorti
بيان لوزارة التكوين المهني والتشغيل.
[48]) إحصائيات وزارة المرأة والأسرة أب / أغسطس 2016، مرجع سابق.
[50]) تقرير اليونسكو: تونس 2015.
[51]) فاتن مبارك، مقال بعنوان المرأة الريفية في تونس، العمل غير مهكل ومعضلة التأنيث، 2020.
Https://www.ohchr.org,Nati…..google.com
[52]) قانون أساسي عدد 58 بسنة 2017 مؤرخ في 11 أوت 2017 يتعلق بالقضاء على العنف ضد النساء. الأعمال التحضيرية، مداولة مجلس نواب الشعب ومصادقته بجلسته المنعقدة بتاريخ 26 جويلية 2017. والمنشور بالرائد الرسمي في 15 أوت 2017.
[53]) World Conference on Human Rights (25-6-1993), Discrimination against women: The Convention and The committee, page 1. Edited.
[54]) ائتلاف السيداو، جمعية النهوض بالمشاركة المجتمعية.
https://www2.Ohchr.org/English/bodies.google.com
[55]) اعترفت الاتفاقية بكافة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية وليس بجزء منها الحقوق السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية منها التعليم، العمل، المشاركة السياسية والمسؤولية المتساوية.
[57]) صادقت تونس سنة 2018 على بروتوكول الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب بشأن حقوق المرأة في إفريقيا “بروتوكول مايوتو“ الذي يكفل الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية للمرأة وتعزيز المساواة بين الجنسين.
http://hrlibrary.umn.edu/arabgoogle.com
[59]) تم إصدار أول قانون للقضاء على التمييز العنصري في تونس، أكتوبر 2018.