الهيئة الوطنية للمحامين بتونس الفرع الجهوي بتونس محاضـــرة ختـــم التمـريــن الأقطاب التكنولوجية
السنة القضائية 2010- 2011
تاريخيا تحيل فكرة القطب التكنولوجي على مفهوم ” القطب ” ( Pole) و يعرف القطب في موسوعات الجغرافيا على أنه التكتل في مكان واحد لأنشطة تكنولوجيا عالية ( الإلكترونيك ، الكيمياء ، البيولوجيا ، إلخ …. ) و مراكز بحث و مؤسسات و جامعات و كذلك هياكل مالية تسهل الاتصال بين مختلف هذه الأوساط .
فالقطب التكنولوجي هو إنجاز تقوم به المدن التي تعتمد استراتيجيات تنميتها الاقتصادية على إبراز قيمة كفاءاتها الجامعية وعلى البحث ، على أمل أن تنشئ هذه القدرات تصنيعا جديدا بمبادرة من مؤسسات ذات تكنولوجيا عالية انبعثت أو وقع استقطابها على عين المكان .
بفرنسا كانت أول الأقطاب التكنولوجية المحدثة في أغلب الأحيان بمبادرة من الدولة ( جنوب غربي باريس ،Sophia Antipolis ،ZIRT de Meylan Invollée-،FuturOscope ….)
فالأقطاب التكنولوجية هي تكتل بحث و أعمال تتشبث بالتقدم العلمي فتحوي تمشيا كاملا ينطلق من مرحلة المخبر و صولا إلى مرحلة صنع المنتج ( Le Produit ) .
وبصفة محسوسة يكون القطب التكنولوجي متمثلا في مجموعة من المؤسسات ( تكون أغلبها صغرى و متوسطة ) مهيكلة في محيط ذات جودة . و هو يقع بصفة عامة داخل منظومة علاقات مغلقة مع جامعات و معاهد بحث تقني عمومية أو خاصة .
و تبعا لذلك يكون القطب التكنولوجي فضاءا محددا ، نقطة معينة من تراب تتركز فيها و تتفاعل بصفة متواصلة الأنشطة الاقتصادية المرتبطة بالتقنيات الجديدة .
بدأت البلاد التونسية تلتحق بتجارب الأقطاب التكنولوجية الغربية منذ أواخر التسعينات فتبنت الدولة المبادئ الأساسية التي تقوم عليها فلسفة هذه الهياكل و أطرتها تأطيرا قانونيا .
منذ صدور القانون عدد 50 لسنة 2001 المؤرخ في 3 ماي 2001 والمتعلق بمؤسسات الأقطاب التكنولوجية، أخذ إحداث الأقطاب التكنولوجية نسقا سريعا.
إذ تم منذ 17 سبتمبر 2001 الى 24 افريل 2006 إحداث عشرة أقطاب كان أولها ” قطب الغزالة لتكنولوجيات الاتصال” المحدث بالأمر عدد 2189 لسنة 2001 المؤرخ في 17 سبتمبر 2001 . ثم توالت في مرحلة ثانية الأوامر المتعلقة بإحداث وحدات تصرف حسب الأهداف لتركيز الأقطاب التكنولوجية بسوسة وصفاقس والمنستير وبنزرت وسيدي ثابت وبرج السدرية وجندوبة وقفصة ومدنين .
يأتي هذا التوسع المستمر للأقطاب على كامل تراب الجمهورية التونسية تجسيما لسياسة اقتصادية انتهجتها الدولة في ” مجال التكوين والبحث العلمي والتكنولوجي من جهة، ومجالات إنتاج التكنولوجيا وتطويرها من جهة أخرى ” . كما يندرج ضمن برنامج لتحقيق الأهداف التي وقع ضبطها كالآتي : “الرفع من القدرة التنافسية للاقتصاد وتطوير مقوماته التكنولوجية وذلك بحفز التجديد التكنولوجي ودعم التكامل والاندماج بين هذه الأنشطة في إطار الأولويات الوطنية ” .
مما يطرح الإشكال القانوني الأساسي المتعلق بمدى قدرة هذه الأحكام التفصيلية المتعلّقة بتنظيم وظيفة وهياكل الأقطاب التكنولوجية على تحقيق الأهداف المعلن عنها في الفصل الأول من قانون 2001 المذكور؟
بالرجوع الى النصوص القانونية ( قوانين وأوامر ) المتعلقة بإحداث الأقطاب التكنولوجية وبمؤسسات الأقطاب التكنولوجية وبإحداث وحدات التصرف حسب الأهداف لتركيز أقطاب تكنولوجية يتضح أن المشرع قد اعتمد أسلوب التوسع في المفاهيم القانونية التي يستعملها والتنوع في الأنظمة القانونية المنطبقة على الأقطاب التكنولوجية .
مما يجعلنا أمام حالة من حالات غياب التعريف القانوني الدقيق وعدم الاستقرار، رغم محاولة لإيجاد تنظيم هيكلي و وظيفي متناسق منطبق على مختلف الأقطاب التكنولوجية.
ويمكن إبراز ذلك من خلال تمييز المشرع قطب “الغزالة لتكنولوجيات الاتصال” بهيكلته كمؤسسة عمومية عن بقية الأقطاب اللاحقة له ( الفصل الأول ). مما انعكس بصفة آلية على التنظيم الوظيفي لهذا القطب مقارنة “بوحدات التصرف حسب الأهداف” المحدثة لتركيز بقية الأقطاب والذي سيقع تناوله خاصة من جانب العلاقة والوسائل القانونية التعاقدية التي يستعملها القطب أو مؤسسات الأقطاب (الفصل الثاني).
يمكنكم تحميل محاضرة ختم التمرين كاملة في صيغة pdf عبرا الرابط التالي: